حروب الشرق الأوسط مرشحة للاستمرار طويلاً!

رامي الريس (مجلة الخليج)

مثيرة هي التفاصيل التي كشفتها جريدة “السفير” اللبنانية (المعروفة بقربها مما يُسمى محور المقاومة والممانعة المتمثل داخل لبنان بفريق الثامن من آذار) والمتعلقة بتفاصيل الطلب الإيراني من موسكو للتدخل في الحرب السورية بعد أكثر من أربع سنوات على اندلاعها بفعل إصرار النظام السوري على جر البلاد إلى التوتر والعنف والتشرذم ورفض الإقرار بالحقوق المشروعة للشعب السوري.

المهم أن التدخل الروسي سيفاقم بطبيعة الحال الأزمة السورية. فلقد أثبتت التجارب العسكرية والميدانية التي جُربت حتى الآن في سوريا استحالة الحسم التام لأي من الأطراف المتنازعة. فلا النظام استطاع معاودة السيطرة على الأراضي الشاسعة التي خسرها في مختلف أنحاء سوريا، ولا المعارضة بتشكيلاتها المختلفة استطاعت إسقاط النظام وبناء نظام بديل عنه.

وأثبتت التجارب العسكرية أيضاً أن حصر التدخل بالقصف الجوي لا يؤثر في مجريات المعارك، لا بل هو قد يعطي نتائج معاكسة في بعض الحالات! فتنظيم “الدولة الإسلامية” تكبد خسائر ملحوظة جراء القصف الغربي الذي شنته طائرات التحالف، ولكنه توسع وتمدد جغرافياً نحو مساحات جديدة ولا يزال موجوداً وفاعلاً على الساحة السورية، لا بل هو لا يزال من اللاعبين الأساسيين فيها.

العراق

لقد نفذّت الولايات المتحدة الأميركية عملية تدخل لقواتها الخاصة في العراق منذ أيام، وحققت العملية العسكرية الأهداف المرسومة لها بخسائر محدودة (مقتل جندي واحد). فكيف يمكن تبرير الامتناع الأمريكي عن التدخل البري في الحرب السورية سوى أنها لا ترى، بأي شكل من الأشكال، أن استمرار هذه الحرب يهدد مصالحها إلا ربما بعد التدخل الروسي.

وكيف تبرّر روسيا بدورها دعمها المتواصل منذ إندلاع الأزمة السورية للنظام الذي تسبب بتدمير سوريا وإزهاق أرواح ما يزيد عن ثلاثماية ألف قتيل من أبنائها وتهجير ما يناهز ثمانية ملايين من مواطنيها داخل وخارج الأراضي السورية؟ إنها لعبة المصالح الدولية الكبرى، ولعبة الأمم التي تُسحق فيها شعوب بأكملها تحقيقاً لمصلحة هذا الطرف أو ذاك.

وهذا يدفع إلى التساؤل المشروع: هل أن الدول الكبرى، وما يُسمّى المجتمع الدولي، تريد فعلاً عودة الاستقرار إلى المنطقة العربية والشرق الأوسط؟ وماذا سيكون مصير عشرات الآلاف من طلبات السلاح المقدمة إلى مصانع السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين كما كشفت إحدى الدوريات الأمريكية بناءً لمعطيات من وزارة الدفاع الأمريكي (البنتاغون)؟

russia army

السلاح هو ذاك العالم الخفي الذي يعمل أبطاله وسماسرته في الظل وفي العالم السفلي والغرف المغلقة حيث تُعقد صفقات بمليارات الدولارات لتغذية الحروب والنزاعات بين مختلف الأطراف على حساب الأبرياء. فهل أن الاتفاق النووي الغربي – الإيراني سيسقط ورقة التخويف المتواصل التي إعتمدها الغرب على مدى عقود لترويج السلاح وتصريف إنتاجه الهائل منه وبالتالي لا بد من البحث عن بدائل جديدة من الحروب والنزاعات العنفية لاستدامة الازدهار في سوق السلاح حول العالم؟

يشتهر “معهد ستوكهولم لأبحاث السلام” بأنه من المؤسسات البحثية التي ترصد النزاعات المسلحة وإنفاقها على السلاح، وهو ينشر أرقاماً تظهر حجم الانفاق العسكري للدول المختلفة قياساً إلى الحروب والنزاعات المحيطة بها، فالدول الأوروبية ضاعفت، على سبيل المثال، الموازنات المخصصة للدفاع وشراء الأسلحة الثقيلة والمتوسطة خوفاً من تطورات الأزمة الأوكرانية.

وبالتالي، يمكن تخيل الأسباب والدوافع التي من شأنها تأجيج الصراعات وتعقيدها حول العالم. والتدخل الروسي في سوريا ليس منزهاً عن هذه الاعتبارات!

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس (مجلة الخليج)

بعد اعتداءات باريس.. كيف وصلنا إلى هنا؟

لبنان.. فرج رئاسي لن يأتي!

المسار “الشيطاني” بين واشنطن وطهران!

دلالات زيارة جنبلاط إلى السعودية

هل من آفاق للتغيير الحقيقي في لبنان؟

روسيا وإعادة تعويم النظام السوري!

مأساة المهاجرين: وجه أول من وجوه متعددة!

عن الحراك “الشعبي” في لبنان

الديكتاتوريات ولدت الفوضى وليس الثورات!

إعادة تعويم النظام السوري خطيئة!

هل وصلت الحرب السوريّة إلى خواتيمها؟

هل تخدم الفوضى العربيّة سياسات واشنطن؟

لبنان.. عندما تُفلسف بعض القوى سياسة التعطيل!

اتفاق الغرب مع طهران: توسيع أم تقليص للنفوذ الإيراني؟

هل هي لعنة التاريخ أم الجغرافيا؟

الأمير سعود الفيصل: ديبلوماسية، شجاعة، اعتدال

لبنان على مفترق طرق… كما كان دائماً!