دلالات زيارة جنبلاط إلى السعودية

رامي الريس (مجلة الخليج)

ليست المرة الأولى التي تستقبل قيادة المملكة العربيّة السعوديّة رئيس اللقاء الديمقراطي اللبناني النائب وليد جنبلاط. فالعلاقة بين المملكة وآل جنبلاط قديمة وتاريخية تعود جذورها إلى اللقاءات العديدة التي عقدها والد جنبلاط الشهيد كمال جنبلاط (اغتاله النظام السوري عقب دخوله إلى لبنان في آذار/ مارس 1977) مع القيادة السعودية.

لقد سبق للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز أن وصف الموحدين الدروز بأنهم “عشيرته”، وفي ذلك دلالات بالغة الأهمية لناحية فهم القيادة السعودية لمبدأ العشيرة في الإطار المجتمعي العام. واليوم، تدرك المملكة الدور السياسي الهام الذي أداه ويؤديه جنبلاط في الوضع الداخلي اللبناني لا سيما بعد أن تحول إلى الوسط ووقف على مسافة واحدة من فريقي النزاع الداخلي أي 8 و 14 آذار.

لقد أتاح هذا الخيار السياسي لجنبلاط أن يحمي الاستقرار اللبناني الهش إزاء الأعاصير الإقليمية والنيران السورية الملتهبة، وسمح له بفتح قنوات وخطوط الاتصال مع مختلف الفرقاء السياسيين في وقت كانت القطيعة تامة بينهم. ونجح، إلى جانب صديقه اللدود رئيس مجلس النواب نبيه بري، بإعادة جمع تيار المستقبل وحزب الله إلى طاولة الحوار رغم اختلافهما العميق حول عناوين كبيرة منها الحرب السورية والمحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وسلاح حزب الله الذي تحول منذ سنوات إلى مادة سجالية حادة لا سيما بعد تحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي سنة 2000.

المقربون من النائب جنبلاط لمسوا ارتياحه بعد اجتماعه مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض، وقد رافقه في زيارته نجله تيمور ووزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، والأمر ذاته بعد لقائه مع ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقد غرد جنبلاط عبر حسابه الخاص خبر زيارته للمملكة وقد تضمن صور الاجتماع ومضمونه.

كما نقلت جريدة “الأنباء” الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط أنه “لمس اهتمام المملكة باستقرار وأمن ووحدة لبنان وضرورة إنجاز الاستحقاقات الدستورية وأولها رئاسة الجمهورية اللبنانية لا سيما مع مرور أشهر طويلة من الشغور الرئاسي”.

كما أشارت الصحيفة إلى أن المراقبين “توقفوا عند اهتمام القيادة السعودية باستقبال جنبلاط ومن مؤشرات ذلك حضور وفد وزاري سعودي رفيع للاجتماع ضم: وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد بن محمد العيبان، ووزير الإعلام والثقافة الدكتور عادل الطريفي، ووزير الخارجية عادل الجبير، ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان”.

إن الحيثية السياسية والوطنية التي يمثلها النائب وليد جنبلاط، فضلاً عن شبكة علاقاته العربية والإقليمية والدولية الواسعة، تجعل الاستماع إلى رأيه السياسي وتحليله لتطورات المنطقة العربية على ضوء المتغيرات المتسارعة التي تشهدها مسألة هامة لا سيما أنه لطالما اشتهر بقدرته العالية على قراءة التحولات الهامة في المنعطفات الكبرى.

الزيارة “الجنبلاطية” إلى الرياض مهمة في التوقيت والمضمون، ومفاعيلها السياسية مرشحة للظهور خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة.

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس (مجلة الخليج)

بعد اعتداءات باريس.. كيف وصلنا إلى هنا؟

لبنان.. فرج رئاسي لن يأتي!

المسار “الشيطاني” بين واشنطن وطهران!

حروب الشرق الأوسط مرشحة للاستمرار طويلاً!

هل من آفاق للتغيير الحقيقي في لبنان؟

روسيا وإعادة تعويم النظام السوري!

مأساة المهاجرين: وجه أول من وجوه متعددة!

عن الحراك “الشعبي” في لبنان

الديكتاتوريات ولدت الفوضى وليس الثورات!

إعادة تعويم النظام السوري خطيئة!

هل وصلت الحرب السوريّة إلى خواتيمها؟

هل تخدم الفوضى العربيّة سياسات واشنطن؟

لبنان.. عندما تُفلسف بعض القوى سياسة التعطيل!

اتفاق الغرب مع طهران: توسيع أم تقليص للنفوذ الإيراني؟

هل هي لعنة التاريخ أم الجغرافيا؟

الأمير سعود الفيصل: ديبلوماسية، شجاعة، اعتدال

لبنان على مفترق طرق… كما كان دائماً!