هل وصلت الحرب السوريّة إلى خواتيمها؟

رامي الريس (مجلة الخليج)

من الواضح أن ثمّة حركة ديبلوماسية وسياسيّة نشطة تتعلق بالأزمة السوريّة تشهدها عواصم الدول المؤثرة والمعنيّة بهذا الملف المعقد الذي تحوّل إلى نار ملتهبة غيّرت الواقع العربي برمته وهددت مستقبل الشرق الأوسط الذي لطالما كان ساحة نزاعات وحروب دامية لا سيّما بوجود الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

فاللقاء الفاشل الذي جمع اللواء السوري علي المملوك مع ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تلته زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى سلطنة عُمان، وثم زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى موسكو وزيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق، كلها مؤشرات على حراكٍ ما لم تكتمل معالمه بعد.

وإذ تروّج الأوساط المقربة من محور دمشق – طهران – موسكو أن القوى المعادية لنظام بشار الأسد صارت أكثر قابليّة للاقتناع بأن الأولوية يُفترض أن تكون لمحاربة تمدد الخطر الإرهابي، فإن الأوساط المقابلة تؤكد أن موسكو صارت أكثر إقتناعاً بإمكانيّة التخلي عن الأسد الذي مُني ويُمنى بهزائم ميدانيّة متتاليّة، وأنه يتحوّل تدريجيّاً إلى عبء سياسي وعسكري لا سيّما أن بقاءه بات مرهوناً بالكامل للميليشيات التي تقاتل إلى جانبه ودفاعاً عنه وفي طليعتها حزب الله اللبناني.

وتشير المعلومات أن طهران ذاتها لن تتوانى عن التخلي عن حليفها الاستراتيجي أيضاً إذا ما توفرّت لها بدائل سياسية وإستراتيجيّة تكمّل مسار التصالح مع المجتمع الدولي الذي كانت قد مهدت له من خلال الاتفاق النووي الذي سيفك الكثير من القيود عنها ويؤسس للإقرار بقوتها الإقليميّة والدوليّة وموقعها المؤثر في صراعات المنطقة ومستقبلها. طبعاً، من نافل القول بأن هذه الخلاصة مؤكدة وحتميّة، أقله في هذه اللحظة السياسيّة التي لا يزال التفاوض فيها جارٍ على أعلى المستويات. ولكن، كما هو معلومٌ، في السياسة لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة.

إلا أن الإشكاليّة الأكبر بالنسبة لفريقي النزاع تتعلق بالإجابة عن السؤال التالي: كيف السبيل لإقصاء بشار الأسد وشقيقه ماهر والزمرة الحاكمة التي إرتكبت ما إرتكبته في هذه الحرب، والحفاظ في الوقت ذاته على ما تبقى من مؤسسات وهياكل للدولة السوريّة ومن ضمنها في طبيعة الحال الجيش، كي لا تتكرر تجربة حل الجيش العراقي التي قام بها الاحتلال الأميركي في العام 2003 وأدّت إلى كوارث أمنيّة وعسكريّة لا تزال تداعياتها قائمة حتى يومنا هذا.

الأكيد أن من يدفع الثمن الأغلى هو الشعب السوري ذاته الذي عانى خلال الأعوام الأربعة معاناة هائلة. لقد راهن النظام السوري على أن الحل الأمني هو الكفيل بمعالجة التطورات التي شهدتها محافظة درعا منذ بداية الثورة. كما فاخر البعض من حلفائه بأن الأمن سيعود ويستتب في تلك المحافظة في غضون أسبوع، فإذا بالأزمة تستولد أزمات، والعنف يولد العنف، وتتحول سوريا إلى ركام وحطام.

بالمناسبة، هل ممنوع سقوط درعا؟ ألم يحصل أن حقق الثوار تقدماً ملحوظاً في هذا الإتجاه منذ أسابيع؟ إنه سؤال برسم الخبراء العسكريين لعلهم يقدمون إجاباتٍ عن الواقع المستجد في تلك المحافظة قياساً إلى التطورات الميدانية التي تشهدها المناطق الأخرى. المهم أن الإشكالات التي لا تزال ترافق التفاهم على الحيثيات الأساسيّة لما يُسمى التفاهم السياسي أو الحل السياسي هي التي لا تزال تحول دون الوصول إليه، طبعاً بالاضافة إلى أن هناك من هو مستفيدٌ من حالة الفوضى العارمة التي تعيشها سوريا والمنطقة العربيّة برمتها وهي إسرائيل.

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس (مجلة الخليج)

بعد اعتداءات باريس.. كيف وصلنا إلى هنا؟

لبنان.. فرج رئاسي لن يأتي!

المسار “الشيطاني” بين واشنطن وطهران!

حروب الشرق الأوسط مرشحة للاستمرار طويلاً!

دلالات زيارة جنبلاط إلى السعودية

هل من آفاق للتغيير الحقيقي في لبنان؟

روسيا وإعادة تعويم النظام السوري!

مأساة المهاجرين: وجه أول من وجوه متعددة!

عن الحراك “الشعبي” في لبنان

الديكتاتوريات ولدت الفوضى وليس الثورات!

إعادة تعويم النظام السوري خطيئة!

هل تخدم الفوضى العربيّة سياسات واشنطن؟

لبنان.. عندما تُفلسف بعض القوى سياسة التعطيل!

اتفاق الغرب مع طهران: توسيع أم تقليص للنفوذ الإيراني؟

هل هي لعنة التاريخ أم الجغرافيا؟

الأمير سعود الفيصل: ديبلوماسية، شجاعة، اعتدال

لبنان على مفترق طرق… كما كان دائماً!