روسيا وإعادة تعويم النظام السوري!

رامي الريس (مجلة الخليج)

ليس الدخول الروسي على خط الأزمة السوريّة جديداً، ذلك أن موسكو بذلت جهداً استثنائياً على المستوى السياسي والديبلوماسي وحتى العسكري واللوجستي لاستدامة بقاء نظام حليفها في الشرق الأوسط، أي نظام بشار الأسد، من دون الاكتراث إلى مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة والتغيير.

ولم يتوانَ الكرملين عن العمل الحثيث لحرف الأنظار عن كل الارتكابات التي قام بها حليفه مسلطاً الضوء بشكل حصري على ما قامت بعض المجموعات من عمليات إجرامية رافضاً حتى الإشارة إلى البراميل المتفجرة واستخدام السلاح الكيماوي التي قام بها النظام ودمر من خلالها سوريا برمتها!

وآخر “الابتكارات” الروسيّة، إذا صح التعبير، كان “مبادرة” أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنشاء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب يضم نظام الأسد والمملكة العربية السعودية والأردن وتركيا. وكان الرد السعودي حازماً عبر وزير الخارجية عادل الجبير الذي أكد أنه من غير الممكن أن يكون للأسد أي دور في مستقبل سوريا أو أن يكون جزءاً من التحالف ضد الإرهاب.

-assputin-assad

أما الموقف السوري من المقترحات الروسيّة لإنشاء هذا التحالف فقد تحول من المفاجأة والدهشة التي عبّر عنها وزير الخارجية السوري وليد المعلم في زيارته الأخيرة لموسكو في شهر حزيران/ يونيو الفائت إلى الترحيب بها في أيلول/ سبتمبر. فبعد أن كان المعلم قال في موسكو إن “تشكيل تحالف دولي (…) سيتطلب معجزة حقيقية”، أعلن منذ أيام مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا: “أدعو مجلس الأمن الدولي إلى تبني مبادرة الرئيس (فلاديمير) بوتين لإقامة تحالف دولي حقيقي لمكافحة الإرهاب”.

من نافل القول إن الهدف الروسي الحقيقي هو إعادة تعويم النظام السوري من خلال استئناف فتح علاقاته التي تعثرت ثم انقطعت مع دول الخليج العربي لا سيما خلال السنوات الأخيرة، ومن نافل القول أيضاً إن ذلك ليس حباً بالنظام السوري أو برئيسه بشار الأسد بقدر ما هو يتصل بالمصالح الروسية المباشرة.

لقد سعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ توليه الحكم وحتى أثناء التبادل الشكلي الذي نفذه مراراً مع رئيس وزرائه ديمتري ميدفيديف إلى إعادة بناء الحضور الروسي على الساحة الدولية من خلال استنهاض سياسات ومواقف بعضها كان يتصل بمخلفات حقبة الحرب الباردة التي انتهت بهزيمة الإاتحاد السوفياتي وسقوطه المريع، وبعضها بُني على شبكات من المصالح السياسية والاقتصادية والنفعية تتعلق بعقود وصفقات ضخمة في السلاح والنفط والغاز.

مهما يكن من أمر، فإن موسكو من خلال سياسة القضم التدريجي في الأزمة الأوكرانية وعدد من الملفات في آسيا الوسطى، نجحت في حجز مقعد لها في الساحة الدولية، وامتلكت قدرة التعطيل إن لم يكن قدرة الحسم في الكثير من الملفات.
ولا شك أن التردد الغربي، والأميركي في العديد من القضايا، وفي طليعتها القضية السورية، أتاح فراغاً استطاعت موسكو تعبئته بسهولة ملحوظة، وهي التي لم تنسَ التغاضي الغربي عن إشراكها في الحرب على ليبيا والحملة العسكرية التي أدخلت تلك البلاد في الفوضى.

كيف سيواجه الغرب كل تلك التحديات؟ أقله ليس من خلال الاحتفاظ بالسياسات الحالية التي أوصلت الأمور إلى هنا!

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس (مجلة الخليج)

بعد اعتداءات باريس.. كيف وصلنا إلى هنا؟

لبنان.. فرج رئاسي لن يأتي!

المسار “الشيطاني” بين واشنطن وطهران!

حروب الشرق الأوسط مرشحة للاستمرار طويلاً!

دلالات زيارة جنبلاط إلى السعودية

هل من آفاق للتغيير الحقيقي في لبنان؟

مأساة المهاجرين: وجه أول من وجوه متعددة!

عن الحراك “الشعبي” في لبنان

الديكتاتوريات ولدت الفوضى وليس الثورات!

إعادة تعويم النظام السوري خطيئة!

هل وصلت الحرب السوريّة إلى خواتيمها؟

هل تخدم الفوضى العربيّة سياسات واشنطن؟

لبنان.. عندما تُفلسف بعض القوى سياسة التعطيل!

اتفاق الغرب مع طهران: توسيع أم تقليص للنفوذ الإيراني؟

هل هي لعنة التاريخ أم الجغرافيا؟

الأمير سعود الفيصل: ديبلوماسية، شجاعة، اعتدال

لبنان على مفترق طرق… كما كان دائماً!