مأساة المهاجرين: وجه أول من وجوه متعددة!

رامي الريس (مجلة الخليج)

بعد طول انتظار وترقب، تحرّك المجتمع الدولي، أو ما يُسمى المجتمع الدولي، على خلفية أزمة المهاجرين السوريين ولو أن هذا التحرك جاء متأخراً جداً، ولكن وفق المثال الشائع “أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً”.

لقد تطلب استيقاظ الضمير الأوروبي والأميركي سقوط أكثر من 300 ألف قتيل في سوريا وتهجير نحو 8 ملايين سوري داخل وخارج الأراضي السورية ويتوزع معظم هؤلاء في لبنان (نحو 1.5 مليون لاجىء) وتركيا (نحو 1.8 مليون لاجىء) والأردن (نحو 700 ألف لاجىء).

ومن نافل القول إن هذه الملايين من اللاجئين باتت تشكل ضغطاً ضغطاً إجتماعياً وسكانياً وإقتصادياً على تلك البلدان خصوصاً مع عدم إلتزام المجتمع الدولي الإيفاء بكل وعوده التي قطعها لدعم هذه الدول.

لقد حركت صورة الطفل “إيلان” متوفياً على الشاطىء الضمير العالمي والإنساني وأدت إلى حصول تحول ملحوظ لا سيما في الموقف الأوروبي حيال أزمة المهاجرين الذين يلوذون بالفرار من سوريا بعد أن حول النظام أرضها إلى ساحة احتراب إقليمي ودولي بفعل إصراره على استخدام ما اصطلح على تسميته “الحل الأمني” ثم “الحل العسكري” إبان تفجير الثورة السورية في درعا منذ أعوام قليلة ورفضه الانصياع لتحقيق المطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والكرامة.

قوارب الهجرة

البرلمان الأوروبي أقر اعتماد معايير موحدة وملزمة لقبول وتوزيع اللاجئين على دول الاتحاد تشمل خطة طارئة لتوزيع 160 ألف لاجئ في وقتٍ كانت وجهت الصحف الأوروبية نداء للحكومات الأوروبية لإيواء اللاجئين وإيجاد الحلول لتفاقم هذا المشكلة وطلبت زيادة المساعدات المالية والإنسانية المقدمة إلى دول الشرق الأوسط المتضررة من النزاع في سوريا. ولكن الأهم في المناشدة الصحافية الأوروبية الجماعية (التي شملت 13 من كبريات الصحف العريقة في أوروبا) هو طلب الضغط على اللاعبين الرئيسيين في النزاع لا سيما إيران وروسيا والسعودية وتركيا والولايات المتحدة الأميركية “لبذل مزيد من الجهد من أجل جمع الفرقاء السياسيين في سوريا على طاولة للمفاوضات تديرها الأمم المتحدة”.

ولعل هذه النقطة الأخيرة هي بيت القصيد. فعلى الرغم من كل التحول الإيجابي الذي طرأ على الموقف الأوروبي حيال أزمة النازحين السوريين وانعكاس ذلك على النازحين الهاربين من الموت، ولكن يفترض أن يبقى الجهد منصباً على إيجاد حل نهائي للنزاع السوري الذي استطال واستنزف كل الفرقاء وأدى لأن يدفع الشعب السوري أثماناً باهظة.

والخلاف العميق لا يزال يتعلق بمصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي، كما يبدو، لن يتوانى عن البقاء لسنوات إضافية بصرف النظر عن الكلفة الباهظة لهذا الأمر على مستقبل سوريا الموحدة الذي أصبح على المحك لا سيما مع فقدان سيطرته على أكثر من نصف أراضيه التي تسيطر عليها المعارضة بأطرافها المختلفة.

غريبٌ كيف يمكن لرئيس دولة أن يتمسك بموقعه حتى ولو على أشلاء الدولة وأهلها؟ سقط البلد ولكن بقي النظام، إنها معادلة الأنظمة الديكتاتورية!

تبقى الإشارة ختاماً إلى أن المفاعيل السلبية حيال أوروبا والعالم لا تقتصر على مأساة النازحين بل استعدادها إلى ما هو أكبر وأعمق من ذلك بكثير.. وتباشير هذا الأمر ستبدأ بالظهور تباعاً.

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس (مجلة الخليج)

بعد اعتداءات باريس.. كيف وصلنا إلى هنا؟

لبنان.. فرج رئاسي لن يأتي!

المسار “الشيطاني” بين واشنطن وطهران!

حروب الشرق الأوسط مرشحة للاستمرار طويلاً!

دلالات زيارة جنبلاط إلى السعودية

هل من آفاق للتغيير الحقيقي في لبنان؟

روسيا وإعادة تعويم النظام السوري!

عن الحراك “الشعبي” في لبنان

الديكتاتوريات ولدت الفوضى وليس الثورات!

إعادة تعويم النظام السوري خطيئة!

هل وصلت الحرب السوريّة إلى خواتيمها؟

هل تخدم الفوضى العربيّة سياسات واشنطن؟

لبنان.. عندما تُفلسف بعض القوى سياسة التعطيل!

اتفاق الغرب مع طهران: توسيع أم تقليص للنفوذ الإيراني؟

هل هي لعنة التاريخ أم الجغرافيا؟

الأمير سعود الفيصل: ديبلوماسية، شجاعة، اعتدال

لبنان على مفترق طرق… كما كان دائماً!