… لمن لم يقرأ يوسف البعيني/ بقلم وسام شيّا

بعدما احتفظت به لسنوات كجزءٍ من مجموعة الكتب التي تزين صدر مكتبتي ولم أبادر لقراءته كون الكاتب هو صديق وزميل عزيز، وبما أنني أعرفه عن كثب وبشكل لصيق، ظننت بأنه لا حاجة لذلك، إنطلاقاً من وعينا الضيّق بأنه وكما يقول المحليون وعلى الطريقة الشعبية بأن الكنيسة القريبة لا تشفي، أو كما يقول آخرون لا نبيا في قومه، ولذلك لماذا هدر الوقت، ليس من قبيل الإستخفاف بالكاتب لا قدر الله، وإنما بسبب المفاضلة، حيث أنني أرصف الى جانب كتاب صديقي كتباً لكبار الكتاب والروائيين في العالم. لذا الأجدر وبحسب إعتقادي الخاطىء أن الأولى أن أرتشف من الأدب العالمي، وهنا أيضاً وقعت بنفس الخطأ إن لم أقل الخطيئة، لأنني أدركت متأخراً معنى ومفهوم العالمية وأنها ليست إبداعات الآخرين والبعيدين. ولكنها أقرب مما تخيلت يوماً فإنها قد تكون داخل كرسيٍ خشبيٍ عتيق، في كوخِ رجلٍ قروي لم نعره يوماً أدنى اهتمام، ومن هنا قادني فضول القارئ لأنفض الغبار عن رواية صديقي والتي تحمل عنوان (الأغصان الهشَّة) والتي كتبها بحبر العين والقلب، فإذا بي أمام قلمٍ فَّذ يجاري الكبار ممن أبحروا وأبدعوا في عالم الرواية. جذبني وشدَّني لا بل أرغمني على الغوص بكل مفردة وصورة وحدثٍ صاغها بحبكةِ المتمكن من خلق الحالة الأدبية وتجسيد بطلها بإسلوبٍ فيه الكثير من الوجدانية والعمق والقدرة الفائقة على جمع الألغاز وحلها، مع معالجة درامية عميقة لفكرة الراوية الأساسية وهي حياتنا الإنسانية عندما نصبح فيها غصوناً هشة ينهش فينا قبل أي شيء ضعفنا وقلة حيلتنا قبل أن تنهش بِنَا أعاصير الحياة وما جنى وربيع بطلا هذه الرواية إلا الصدى الصارخ لإنكسار الأغصان الهشة في دواخلنا. فشكراً لك صديقي العزيز  يوسف البعيني أيها الروائي الرائع الذي نجح في سبر أغواري وجعلني أرى وأشعر بهشاشة أغصاني من خلال أغصانه الهشة.

(الأنباء)