صحافيون أم عرّافون!

على طريقة العرّافين بات بعض أهل الصحافة والاعلام وغالبيتهم من الصف الثالث او الثاني يعملون في المهنة على “القطعة”. فالمهم في مقالهم هو “العنوان”، أما المضمون فهو مجموعة من الجمل التي تنتجها المخيّلة ويسرح بها ذهن الكاتب ليسرح بها ذهن القارئ فيما بعد.

مقالات محشوة بالتحليل المستند الى تخيلات صاحبها اكثر مما تكون مستندة الى معلومات، فيأخذ الكاتب أو الكاتبة القلم لتبدأ رحلة السرد وتقديم الصورة التي هي في الغالب عبارة عن تمنيات الكاتب اكثر منها تحليلاً منطقياً يرتكز على المعلومة الصحيحة وعلى الموقف المعلن وعلى الأداء في العمل السياسي، وما الى هنالك من عناصر يجب ان تتوفر في المقال.

إنه الإعلام الهابط الذي يعمل على قاعدة الإكثار من المواد والتقليل من المضمون. ثم يأتي دور المتلقي، فيأخذ “اللينك” ويبدأ سبقه الصحفي عبر منبره الإعلامي الخاص “السوشيل ميديا”حتى قبل أن يقرأ ما في المقال. فالعنوان جذاب ويشفي غليله.

قصص من الخيال وتشويه للحقائق وتعرّض بالشخصي ولا من رادع ولا من حسيب ولا من رقيب، ولا قانون للمهنة بعدما كان القانون سابقا هو أخلاق وصدق الكاتب.

فكيف يحق لأي صحافي مثلاً ان يحلل ويشخّص وهو لم يجالس يوما من يكتب عنه؟ وحتى إنه لم يشاهده إلا بصورة على صفحة جريدة او بمشهد عابر على التلفزيون؟

معروف ان بعض الصحف تتغذى من أجهزة المخابرات، وبعض الصحافيين تسيّرهم أهواؤهم السياسية وحاجاتهم المادية، وقلة قليلة ما زال يتحكم بكتاباتها الموضوعية وتقصيّ الخبر والمعلومة. فحتى الصحافة طالها ما طال السياسة والثقافة والفن.. وكل شيء في هذا العصر بات هابطا. فالقيم عند البعض صارت حكايات من الماضي.

*سامر ابو المنى- “الأنباء”