عذراً أيها المعلم/ بقلم مهج شعبان

يقال لكل زمن رجال، هذا صحيح ولكنه حالة استثنائية نادرة للذين صنعوا التاريخ ودخلوا من بابه العريض إلى الخلود. هؤلاء هم الثوريون الحقيقيون الذين كانوا المحرك الرئيسي للتغيير، أما البقية فركبوا موجة الثورة لتحقيق مآربهم المادية وغاياتهم الشخصية الضيقة، وأولئك هم الانتهازيون وما أكثرهم، حتى ظن البعض أنه يمكنهم أن يأسروا الجماهير بخطاباتهم البراقة وأفكارهم الحضارية، ولكن لم يلبثوا أن اندحروا كجبناء مارقين، دمروا يمسيرتهم النهج والغاية!
ونقف هنا عند رؤيا وفكر الكمال الذي كان حاجة بشرية وضرورة إنسانية تأتي بحلول جذرية لمختلف المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان الأساسية. فالعدالة هي فكرة جوهرية كونية تعكس التطور الطبيعي الدائم في مختلف المراحل.
أما المساواة فهي الوليدة الشرعية للعدالة وهي الوريثة التلقائية لها. أما الحرية فهي فكرة تعكس تقدم الذات الإنسانيه وتحرر الفكر من موبقات الأنانية والجهل، وتعكس الصورة العامة عن المزيج من العدالة والمساواة.
لم يخطئ القائل بأن الاعتراف بالحق فضيلة، بل هو أكثر من ذلك، هو نقطة التحول الجوهريه للتصحيح ويرقى إلى حالة إنسانية من التطور تدخل في عمق التجربة الإنسانية.
عذرا أيها المعلم…
الشعلة التي أردت بها إنارة دروبنا المظلمة في مجاهل أنانيتنا المحدودة وفكرنا المادي الضيق، وضعناها خلفنا، أحرقتنا، فأطفأ صقيع نفوسنا نارها المتوهجة.
عذراً أيها المعلم… لم نقتفِ خطاك، ولم نسِر على نفس الدرب فاقدي البوصلة، أصبحنا تائهين ضائعين نفاخر بإرثنا الإنساني المتقدم، وتعكس الصورة عن واقعنا المعارض لكل القيم التي لا زالت حناجرنا تنضح بها.
فالحقيقة بتجرد أضحت من الاشتراكية الإنسانية إلى المادية الأنانية.
عذراً أيها المعلم… لم نكتب بقلمك، ولم نقتبس من فكرك، ولم نتكلم بلسانك، ألا هو انفصام عن واقعنا، فما أحوجنا اليوم إلى نهضة فكرية روحية تعيدنا إلى بعدنا الإنساني الاشتراكي الحقيقي.