فخامة الرئيس: “شعب لبنان العظيم” ينتظر..

د. صلاح أبو الحسن

أليس مبكرا اليوم القول: “قومو تنهني” وهل تصويت النواب وانتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية يعكس حقيقة الخروج من الاصطفافات القديمة التي أوصلت لبنان إلى حافة الهاوية سياسياً وأمنياً وإقتصاديا واجتماعيا؟ أم هل نحن أمام “فولكلور” سياسي لا يعكس حقيقة التصويت؟..

أليس ملفتا و”عجائبيا” أن ينجح مرشح 8 آذار الرئيس ميشال عون بأصوات اكثريتها من جماعة 14 آذار؟؟.. سياسيو لبنان فريدون من نوعهم..

نُسقط الشرعية عن المجلس النيابي لحين انتخابنا.. ونُسقط الميثاقية عن الحكومة لحين أخذ حصتنا.. ونُسقط “الأبراء المستحيل” عند تأييدنا..

أليس ممكنا أن يُخذل الرئيس.. لحظة مواجهته الحقيقة أنه أعجز من أن يحقق طموحات وأحلام “تياره” في مواجهة الفساد والمفسدين؟؟ وفي مواجهة امكانية تحييد لبنان عن أزمات المنطقة وخاصة الأزمة السورية؟؟ وقد سبق للسيد حسن نصرالله أن قال: ان الحرب في سوريا هي التي تحدد المسار..

ماذا عن قانون الانتخاب الذي كان الأولوية على جدول أعمال اللجان قبل ايام واليوم تبخّر؟؟

كيف سيُخرج الرئيس العتيد لبنان من سلطة وكيل “ولي الفقيه” بعد أن أصبح لبنان وسوريا تحت وصاية إيران..

وكيف سيتم تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، في وقت ينخرط فيه حزب الله اللبناني عسكريا في الحرب السورية تنفيذا لإرادة ايران..

كيف سيعالج قضية السلاح غير الشرعي وكيف سيحدد قرار الحرب والسلم وهو قائد سابق للجيش اللبناني؟؟

%d8%b9%d9%88%d9%86

هل سيعالج عون شؤون البلاد، كرئيس “حكم” للجمهورية، ام كرئيس للتيار الوطني الحر؟؟.. وهل سيستعين بالشارع والعودة الى الشعب عند اول ازمة او محطة؟؟ خاصة أن “شعبيته” أكبر من صلاحياته كرئيس للجمهورية.. وهل سيكتشف قريبا أن قوته الشعبية كـ”صانع للرؤساء” أكبر وأقوى من صلاحيته كـ”فخامة الرئيس”؟؟.. الاحتكام للشعب “الحصن المنيع” في “القضايا المصيرية الكبرى” ربما كان يجوز قبل “الفخامة” اما بعدها فقد يشكل مقتلا للرئيس..

كيف سيتعاطى مع “الشارع” إذا ما استخدم ضد سياسته.. وكيف سيتعاطى مع الاعلام والصحافة عندما تنتقده او تتهمه..

هل سيكون له “إعلان بعبدا- 2”.. بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية؟؟

هل ستتوقف صلاحيات الرئيس العتيد عند حدود مشاركة حزب الله في الحرب على الشعب السوري.. اليست هذه المشاركة خرقا للسيادة اللبنانية وعائقا امام تطبيق سياسة تحييد لبنان؟؟

وحسنا فعل عندما أكد “ضرورة إبتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية، ملتزمين إحترام ميثاق جامعة الدول العربية، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا”. ولكن تبقى العبرة بالتنفيذ.. او بالسماح له بتنفيذ تعهداته.

كيف سيعالج الرئيس “النقص” في صلاحيات رئيس الجمهورية بعد “الطائف”.. التي طالما طالب باستعادتها.. وحسنا فعل عندما اكد في خطاب القسم “ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية”.. وهو اعتراف صريح باتفاق الطائف!!.

هنا أتذكر الرئيس الياس سركيس، أيام الوصاية السورية، عندما كان يقول في مجالسه الخاصة، ان ما اتفق عليه مع الرئيس حافظ الأسد والقيادة السورية، كانت تنتهي مفاعيله، قبيل وصولي إلى منطقة “المصنع”.

فهل ستنتهي مفاعيل اتفاقاته مع حلفائه الذي يمثلهم حزب الله، قبيل وصوله الى “قصر الشعب” كما يحلو له تسمية القصر الجمهوري..

لن نحمّل الرئيس فوق طاقته ولن نحاسبه على أساس وعوده كرئيس للتيار الوطني الحر.. نحن سنكون جد متواضعين ونكتفي بالقليل..

هل يستطيع فخامة الرئيس الاتيان بحكومة تنهي ازمات الكهرباء والمياه والنفايات والرواتب والدفاع المدني والاملاك البحرية واقرار اللامركزية الادارية وصندوق الضمان و.. قضايا الناس الطبيعية.. التي كان حلها في السابق من مهمات المدير العام المختص وليس من مهمات رئيس الجمهورية..

المشكلة أن فخامة الرئيس “كبّر الحجر”.. قبل “الفخامة.. وجعل آماله اكبر واوسع من قدراته ومن صلاحياته.. لدرجة انه سيكون عاجزا عن حمل “الحجر” فكيف بالقذف بها بوجه المعرقلين.. وربما يكون المعرقلون من الأقربين.. وليس من الأبعدين فقط!!..

وقد يكون الفساد والفاسدون والمفسدين من المقربين منه أكثر، أو ربما مساو، لخصومه السياسيين..

لبنان لا يحتاج إلى رئيس قوي في طائفته.. انما يحتاج الى رئيس حكيم وحكم.. ولا يحتاج رئيس لإدارة الازمة بانتظار انتهاء ازمات المنطقة.. بعد ان بشّرنا السيد حسن نصرالله انه لن يعود من سوريا قبل انتهاء أزمتها وقبل القضاء على الارهاب.. ونحن والسيد والرئيس نعرف انها قد تمتد لأكثر من عشر سنوات..

نرجوكم، لا تذكرونا بربط كل القضايا الانسانية والحياتية والحريات في الانظمة العربية “الممانعة” بحل القضية الفلسطينية الذي مضى عليها سبعة عقود.. وللأسف تناسى العرب اليوم قضية فلسطين والشعب الفلسطيني.. فقد تستغرق حروبنا ضد الارهاب قرنا كاملا..

فخامة الرئيس، سنحاسبك بعد تشكيل حكومتك الأولى.. فترة السماح للعهد الجديد ضرورية ولكنها لن تكون طويلة.. و”شعب لبنان العظيم” ينتظر..