بلد الفضائح والدعارة؟!

د. صلاح أبو الحسن

ماذا يحدث في بلد الـ”قطعة سما” و”وطن النجوم”؟.. مسلسل الفضائح لا يتوقف. من الفراغ في سدة الرئاسة الأولى إلى الفراغ “الاخلاقي” في كل مؤسسات الدولة تقريبا، من الادارات الرسمية إلى مجلسي النواب والوزراء.. وصولا إلى شبكة الدعارة في المعاملتين.. ولا نقول انتهاء.. لأن مسلسل الفضائح مستمر على ما يبدو..

تعداد الفضائح فقط يحتاج إلى صفحات. قد يحتاج لبنان إلى “ويكيليكس” خاص به. وقد يحتاج إلى شبكة “بنما” لبنانية..

الفضائح اللبنانية لو كُدّست لطالت “السما” وربما كانت لتغطي “النجوم” التي نتغنّى بها.. وصحيح، أن الفضائح عمرها من عمر تأسيس “دولة لبنان الكبير” لكنها في السنوات الأخيرة باتت أكبر من لبنان الكبير.. أصبحت اليوم أكثر من فضائح. إنها دعارة سياسية.. في السابق كان هناك شيء من الحياء.. اليوم يتقدم العهر على الحياء..

بالمناسبة، الكاريكاتور التي أقمنا القيامة عليه ولم تقعد بعد.. لم يتحدث عن لبنان الوطن.. إنما أشار إلى الدولة التي هي فعلا كذبة.. وكفانا تغطية القبوات بالأبوات..

ماذا نسمّي الدولة عندما يتحول “الحراك” الذي تأملنا فيه شيئا من التجديد.. وشعارهم “محاربة الفساد” إلى حراك فاسد ومرتهن لجماعات سياسية معروفة..

ماذا نسمّي الدولة التي لا تستطيع أن تنتخب رئيسا للجمهورية.. والفراغ مستمر منذ حوالي سنتين..

ماذا نسمّي مجلس النواب المعطّل.. وحكومة “المجلس الرئاسي” المؤلف من 24 وزيرا. وكل وزير رئيس بالوكالة أو بالإنابة..

ماذا نسمّي الدولة التي لا تمتلك قرار الحرب والسلم.. وإلى جانبها جيشها الوطني، جيش رديف أقوى وأقدر من الجيش الشرعي ومهماته الخارجية واسعة.. بعد أن صرف النظر عن قتال العدو الإسرائيلي.. وتحولت بندقيته صوب “العدو” العربي..

ماذا نسمّي الدولة التي قرارها السياسي مخطوف من قبل حزب يأتمر بأمر وليه الآقليمي.. ويمتلك قرار فرض رئيس يختاره هو وعلى مجلس النواب “البصم”.. وإلا!!..

ماذا نسمّي الدولة التي يُستباح مطارها ومرفأها من قبل سلطة وصاية حزبية غير رسمية..

ماذا نسمّي الدولة التي تحمي الفاسدين والمختلسين وغالبيتهم من النواب والوزراء والرؤساء والاحزاب؟

ماذا نسمّي الدولة التي تُشكل فيها كل طائفة “مزرعة” لها امتيازاتها وحصتها الخاصة من قالب “الجبنة”.. وتوصيف “المزرعة” لم يأت عرضا.

ماذا نسمّي الدولة التي يتعاطى فيه رجال الدين في السياسة أكثر من الشؤون الروحية فيما رجال الدولة – إن وُجدوا – ينهبون الدولة… عفوا “حيتان” الدولة.. وما أكثرهم.

ماذا نسمّي الدولة التي يصل فيها الفساد إلى بعض الأجهزة الأمنية.. التي يُفترض فيها حماية الشعب من الفاسدين والمفسدين؟

ماذا نسمّي الصفقات المشبوهة التي لا تُعدّ ولا تُحصى من ملف النفايات إلى صفقة الكاميرات المشبوهة في بلدية بيروت؟

ماذا نسمّي الدولة التي تفحّ فيها روائح الفساد الكبير في هيئة التفتيش المركزي.. التي اصبحت بحاجة إلى من يُفتش داخل زواريبها؟

ماذا نسمّي الدولة التي فيها هيئة “اوجيرو” أكبر من الوزير.. لأنها “مدعومة”.. والقضاء ممنوع عليه المسّ بمديرها.. خاصة بعد فضيحة الصحون اللاقطة “السريّة”.. ولكنها ليست سرية على مديرها قائد اوركسترا مغارة “علي بابا”.

ماذا نسمّي الدولة وفضائح الضمان والقمح الفاسد والكهرباء والمياه الملوثة و.. اللهم الا اذا اسثنينا القرار “الجريء” لوزير الاقتصاد بزيادة وزن ربطة الخبز خمسين غراما..

ماذا نسمّي الدولة التي لا تصل فيها اية فضيحة إلى إعتقال مرتكبيها ومحاكمتهم ولو لمرة واحدة.. وقد درجنا على “المرّة الواحدة” المتكررة منذ الطائف حتى اليوم..

ماذا نسمّي الدولة التي لم تبدأ بعد التنقيب عن الغاز والنفط في البحر وتتركه سائبا للاطماع الإسرائيلية.. ولا تجرؤ على المطالبة بترسيم حدودها البرية.

ماذا نسمّي الدولة التي تُطلق فيه المحكمة العسكرية سراح الارهابي ميشال سماحة الذي يعترف بالصوت والصورة.. نيته بتفجير سياسيين ورجال دين وافطارات بتكليف رسمي من النظام السوري.

وأخيراً وليس آخراً، ماذا عن الفضيحة المدوية عن إطلاق سراح الطبيب الشريك في قضية شبكة “المعاملتين”.. الذي إعترف بإجهاض 220 فتاة سورية أُرغموا على ممارسة البغاء.. فمن يقف وراء الطبيب و”القوّادين”.. المعروفين من الأجهزة الأمنية.. واي قضاء هو هذا الذي يُبرّىء الطبيب “الشهم”.. إلا إذا كانت الأجهزة القضائية التي اتخذت هذا القرار او بعض كبار القوم.. متورطون في الشبكة الفضيحة.. وتجري التغطية على دعارتهم وفسادهم..

والأغرب صمت نقابة الأطباء عن الفضيحة الذي كان عليها أن تستبق قرار وزير الصحة، وإحالة الطبيب على التفتيش.. أقله إحتراما للقسم.

شكرا للوزير وائل أبو فاعور الذي اتخذ قرارا بختم عيادة طبيب الدعارة بالشمع الأحمر ومنعه من ممارسة المهنة على كل الاراضي اللبنانية.. وقرار الوزير يعني إدانة لقضاء مسيّس.. ولنقابة خجولة..

ماذا نسمّي الدولة التي ننتظر فيها كل يوم فضيحة جديدة؟

فهل هذه دولة النجوم والأرز أم دولة “الدعارة السياسية”..