الإرهاب إبن الديكتاتورية وداعش الناخب الأكبر في أميركا وفرنسا

د. صلاح أبو الحسن

لا بدّ من الإعتراف أولا، أن الأنظمة الديكتاتورية تحكّمت برقاب شعوبنا لعقود طويلة بفضل حماية الدول الكبرى المدعية بـ”الديمقراطية” لهذه الانظمة.

أدعياء التقدمية أو ما يًسمّى “الممانعة” عاشوا “الكذبة” لدرجة تصديقها، وجهدوا على مرّ السنين أن يجعلوا شعوبهم يصدقونها ويدافعون عنها ويرفعون الشعارات تأييدا لـ”الكذبة”.. صهروا شعوبهم وجبلوهم بالكذبة وباتوا ينادون بـ”أبدية” زعمائهم و”خلودهم”.. لم يعد الخلود لله في أوطاننا بل للرؤساء..

الأسباب الموجبة جاهزة والشعارات غب الطلب، وكلها صناعات “أجهزة” ومخابرات.. والكتبة كُثُر.. وحناجر الطلاب والعمال والكادحين والمتعلمبن جاهزة للصدح بأعلى أصواتها.. دفاعاً عن الممانعة والمقاومة والتصدُي..

إخترعوا الجبهات الشمالية والشرقية والجنوبية و… لمواجهة “العدو”.. وحده العدو لم يكن “كذبة”.. لكن “الكذبة” الكبرى كانت في اختراع الجبهات لمقاومته والتصدّي له.

إزدحمت “الشعارات” في عالمنا العربي.. على سبيل المثال: “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة”.. وتُرجم هذا القول “المُنزل” بكمّ الأفواه وفتح السجون لكل مُطالب بالحريات السياسية والاجتماعية والفكرية.. فالمعركة مع “العدو”.. لا تحتمل “رفاهية” الحريات.. المستوردة..

وشعار “الصمود والتصدي” تُرجم بحق الدولة على مواطنيها “الرعايا” بتحمل الفقر والجوع والمرض والدولة لا تتحمل اولوية الرفاهية على حساب الصمود..

وشعار “الممانعة” تُرجم بتسميات هادفة و”مميزة” مثل سجن “فرع فلسطين” الذي تحول إلى مقر إقامة دائمة لكل السياسيين والمفكرين والمختلفين عن سياسة النظام.. ولكل من تقتضي ضرورات الممانعة زجّه في السجن بتهمة “شتم” الرئيس.. والتهمة جاهزة: “عميل”.. ولا نزال نسجن فلسطين وشعبها في “كذبة” صمودنا وممانعتنا..

صدام-حسين1

أما الدول الحامية لإرهاب الديكتاتوريات في أوطاننا.. فهي الدول الغربية أدعياء الديمقراطية والحرية والمساواة.. الارهاب تسمية غربية هي ساهمت بخلقة في الانظمة التي رعتها وحمتها..

والديكتاتورية هي أيضا إبنة الإيديولوجية الشيوعية والنازية والمخابراتية.. وكان يقول كمال جنبلاط: “في الأحزاب الإيديولوجية العفنة فإن أشد أشرار الأحزاب هم أعضاؤها أنفسهم”.

سياسة دفن الرؤوس بالرمال، كما النعامة، لا تُبرّىء دور حُماة الأنظمة الديكتاتورية في عالمنا العربي والإسلامي.. التظاهر الأميركي والغربي.. بالبراءة من خلق الإرهاب مباشرة أو مداورة هو أيضا “كذبة” كبيرة.. والانكار شبيه بمقولة “لو كنت اعلم”..

هل نذكّر بالدور الأميركي في رعاية وتدريب وتمويل وتأهيل “أسامة بن لادن” وتحويله من تاجر “سجّاد” إلى إرهابي مهمته تعبئة وتدريب “الجهاديين” لمحاربة الإلحاد الشيوعي السوفياتي في أفغانستان؟ من يربي الذئاب.. عليه أن ينتظر غدرها. والذئب يرد الجميل لمربيه أولا..

وهل نذكّر بالدور الأميركي في رعاية وحماية “الذئب” السوري.. بوجه ثورة شعب ضدّ الظلم والعنف والقهر والاستبداد.. من خلال ترددهم ولا مبالاتهم بذبح شعب.. منذ عقدوا تلك “الصفقة” الكيماوية السورية “المشؤومة” بالتكافل والتضامن مع القيصر الروسي داعم إرهاب النظام السوري الأول؟

ظاهرة “الداعشية” التي يمثلها دونالد ترامب حرية بالدراسة من قبل إدارة البيت الأبيض “الديمقراطية”.. أليس مدهشا أن يتصدّر “ترامب”  كل المرشخين للرئاسة الاميركية؟؟!!!

23a1799

مزاج الناخب الأميركي، هو مع “ترامب” الداعشي الأميركي الذي يرفع الشعارات العنصرية.. ومثله الناخب الفرنسي الذي يناصر عنصرية اليمين المتطرف في فرنسا..

وهل نذكّر بدور إدارة “بوش الإبن” في تخليص إيران من طالبان في أفغانستان وصدام حسين في العراق.. وإهداء العراق لإيران دعماً لمشروع “الهلال الشيعي”؟؟ّ!!

المؤامرة الأميركية بدأت بقتل صدام حسين بتهمة الإرهاب.. صدام كان واحداً من ديكتاتوريي العالم العربي.. نعم، قتله وتسليم العراق لإيران كانت الحلقة الأولى من المؤامرة.. نعترف أننا أخطأنا يوم إحتفلنا وهلّلنا لاعدام ديكتاتور.. كم كنا أغبياء!!..

والحلقة الثانية، كانت باغتيال الشهيد رفيق الحريري.. والثالثة، كانت باغتيال الثورة السورية!!…

فيما الحلقة الرابعة، أكملها باراك أوباما عندما أنجز ما لم ينجزه بوش الإبن، وقوله صراحة في 18 حزيران 2013: “أعارض الوقوف إلى جانب السنة في النزاع السوري كما يطالب بعض الأطراف في المنطقة، وذلك لن يخدم المصالح الأميركية”.. ولذلك فهو يعتبر أن الميليشيات الشيعية والحرس الثوري وحزب الله، هم الحلفاء الحقيقيين في الحرب على داعش والإرهاب السنّي..

ترامب

مع ترامب، تخيلنا الولايات المتحدة في حلف “الممانعة” وفي جبهة “الصمود والتصدي”.. وكدنا نرى لوبن تقرع أبواب الإليزيه وتعلن تحالفها مع الملالي وحزب الله وحزب البعث..

وأخيراً، كنا نعتقد أن الناس عندنا، وحدها تنجر وراء الخطاب التحريضي الطائفي المتطرف.. اليوم فاجأنا الشعب الأميركي والشعب الفرنسي بغبائه.. والناخبون “السنة” هناك قلة قليلة..

نعم، التطرف “الداعشي” هو الأقوى اليوم في الغرب.. الأوروبي والأميركي.. والعنصرية هي الناخب الاكبر والأول في ما يُسمّى بالعالم الحر..

الآتي أعظم.. ومن يدري ماذا بعد؟؟!!…