وفاة “المقاومة” في الزبداني!

د. صلاح أبو الحسن

اربع سنوات ونصف على انطلاقة الحرب السورية كانت كافية للاقتناع ان الكل خاسر. مع اللعبة الدولية كُثر هم الخاسرون. الذين راهنوا على سقوط النظام خلال اسابيع او اشهر خسروا. والذين راهنوا على قدرة النظام وحلفائه “الكبار” على اسكات الصوت المعارض خلال ايام او اشهر خسروا ايضا..

الذين راهنوا ان الشعب السوري هو خاتم في اصبعهم فوجئوا بانتقاضة الشعب.. والذين راهنوا في بداية الثورة على شعار “سلمية.. سلمية” فوجئوا بقدرة النظام على حرف المسار..

والذين راهنوا على ان مساندة النظام بالمال والسلاح والرجال والخبراء وحتى “الفيتاوات” قادرون عل انقاذ النظام ايضا خسروا الرهان..

والذين راهنوا على رافعي شعارات الحرية والديمقراطية والصداقة للشعوب المظلومة والمقهورة.. خُدعوا بالشعارات البرّاقة الكاذبة.. فالمصالح اهم من كل الشعارات..

اليوم يصادف مرور شهر على انطلاقة معركة الزبداني.. الرهان كان على حسمها خلال اسبوع على الاكثر؟؟.. ولكن، المعركة طويلة على ما يبدو وقد تحولت الى حرب استنزاف قد يمتد لاشهر عديدة.. المراهنات تتكرر.. والخسائر تتجدد..

خسر “السيد” الرهان وهو كان يريد اعلان “النصر الالهي” في الزبداني خلال احتفال “يوم القدس العالمي” في العاشر من حزيران الفائت.. لكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر.. وقد ينتظر يوم القدس المقبل.. ولن ينتصر.. واهم ومجنون من يراهن على انه قد ينتصر عل شعب.. الغرق في وحل الحرب الاهلية السورية بدأ في معركة “القصير” عام 2012.. وماذا كانت النتيجة واي انتصار تحقق حتى اليوم؟؟؟.. فقط تحققت الاوهام..

Hizballah-01

سباق الخيل مرض عربي اصيل والمراهنون خاسرون دائما.. لانهم يراهنون على سراب..

صدّق المحازبون ان “كذبة” التدخل كان من أجل حماية ابناء جلدتهم وحماية “المقدسات” و”المزارات” التي تستحق التضحية.. تدرجت الامور الى حد اعتبار التدخل حماية للبنان من الارهاب.. محاربة الارهاب خارج الحدود اقل كلفة.. او هكذا توهموا!!.. ذهبنا لمحاربة الارهاب حتى لا يأتي الينا.. فغرقنا في اوحاله.. ولا زلنا نغرق..

انتقل التدخل الى مرحلة اعلى.. حماية النظام من السقوط.. فسقوطه انهيار لـ”جسر” الامدادات وانهيار للمشروع الفارسي والهلال الشيعي..

اليوم، بات الشعار حماية “الممانعة”.. كان هذا الشعار موضع “تندّر” في الماضي.. رصاصة واحدة لم تطلق من اجل تحرير الجولان منذ اربعة عقود.. لو اُطلقت على اسرائيل قذائف وبراميل ومدافع وكيماوي مما أُطلق على الشعب السوري في يوم واحد، لربما كان تحرر الجولان.. النظام الممانع أسد فقط على شعبه!!!…

ولكن ان يُطلق شعار “الممانعة” من جانب “المقاومة” فهذا مدعاة سخرية.. والحدود الاسرائيلية مع لبنان في احسن حالاتها منذ سبع سنوات.. فالاسرئيلي مرتاح لغرق “المقاومة” في الوحول السورية.. والمقاومة “مرتاحة” لـ”تفهم” العدو الاسرائيلي لوضعه..

لكن معركة الاستنزاف في الزبداني بدأت تُقلق “الحزب”.. فالبيئة الحاضنة لمقاومة العدو الاسرائيلي.. ليست هي نفسها اليوم لمقاومة “العدو السوري”.. التذمر يزداد وقد تحول في بعض بيئات “الحزب” الى “تمرد” بسبب ارتفاع اعداد القتلى الوافدة من الزبداني..

والحزب لم يحقق اي انتصار في الزبداني.. رغم القدرات العسكرية الكبيرة ورغم المساندة الجوية الهائلة من النظام والمساندة القوية من الحرس الثوري الايراني وقوات الدفاع الوطني وجيش التحرير الفلسطيني اضافة الى شبيحة النظام.. دون ان ننسى الفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري.. كل هذه الجحافل تقاتل في الزبداني.. والزبداني تحولت الى مقبرة لكل هؤلاء..

zabadani4

صحيح ان المعارضة لم تسجل تقدما لافتا.. لكن صمودها بوجه كل هذه القوى الجبارة وعلى رأسهم حزب الله الذي هزم اسرائيل، هو هزيمة مدوية لـ “الحزب”.. بعد استدراجه الى حرب استنزاف طويلة مما يعني مزيدا من القتلى ومزيدا من التذمر والتمرد في اوساط “البيئة” الخاضنة التي فقدت قناعتها بجدوى وجود الحزب في سوريا وبجدوى القتال بالنيابة عن ايران.

غريب ان “الحزب” لم يعتبر من تجاربه الفاشلة في الغوطة وفي حلب وادلب والقصير وجسر الشغور والتي سيضاف الى هذه التجارب الفاشلة الزبداني.. وربما دمشق واللاذقية..

الى متى ينتظر الحزب للعودة الى لبنان وتحديد خسائره؟ ومتى يقتنع ان لا جدوى من مشاركته في الحرب السورية؟ ويقتننع ان لا جدوى للحروب بالوكالة بعد ان تحول الى “مقاومة” غب الطلب.. من سوريا الى العراق الى اليمن وصولا الى مصر وبلغاريا والارجنتين و….

اليس من الافضل ان يحمي رأسه ورأس المقاومة ورأس ييئته ووطنه قبل ان تجرفه التسوية الكبرى التي ستجرف النظام السوري ورأسه وحاشيته..

التعنت والمكابرة والاستعلاء والمغامرات والاستقواء بالنووي والصواريخ والمشاريع الاقليمية.. كلها ناتجة عن “فائض قوة” لا يدوم..

الانسحاب اليوم افضل من الغد وقبل ان يضطر الى اعلان “وفاة” المقاومة في الزبداني..