حلف “الممانعة” بنسخته الجديدة

د. صلاح أبو الحسن

كل الدلائل تشير إلى قيام “حلف” جديد.. مهمته المساهمة بشكل فعال برسم خريطة الشرق الأوسط “المفيد”.. الشرق الأوسط القديم إنتهى.. سايكس- بيكو إنتهى.. شعار أنت عربية واحدة ذات رسالة خالدة.. الذي لم يكن يوماً شعاراً جدياً إنتهى.. أنظمة لا صوت يعلو فوق صوت المعركة إنتهى.. قمم تحرير فلسطين إنتهت.. وصيحات تحرير فلسطين وُئدت..

مراسم تشييع جامعة الدول العربية على النار.. وهي طالبت تركيا بإخراج جيوشها من العراق فيما أغفلت مطالبة إيران بإخراج جيوشها ومرتزقتها من سوريا.. وكذلك حانت مراسم تشييع الامم المتحدة بصيغتها الحالية.. القرارات الدولية باتت “نفايات” بحاجة لمطامر أو لمتاحف تعيد “تدويرها” أو تحتضنها.. وتزيل الغبار عنها..

اللهاث وراء أوهام شعارات الحرية والعدالة والمساواة التي تغنّت بها اميركا وأوروبا.. لهاث وراء “كذبة” كبيرة.. وجري وراء سراب في صحاري مصالح الدول الكبرى..

التحالفات والاحلاف القديمة سقطت.. وبدأ ولادة أحلاف جدية أو قديمة – جديدة..

أسقط جمال عبد الناصر “الفرعونية” وإستبدلها بـ”العروبة”.. وأسقط حلف بغداد عام 1958.. وأقام “الجمهورية العربية المتحدة” بين مصر وسوريا.. التي أسقطها حزب “البعث العربي الاشتراكي”.. حزب الوحدة والحرية والاشتراكية؟؟!!..

حافظ الأسد، أسقط وقتل وسجن مؤسسي البعث.. وأقام نظام العائلة والحاشية والسجن الكبير..

وبشار الأسد أسقط ما بناه والده وأقام نظام “الزمرة” و”الشبيحة” ودمّر تاريخ سوريا القديم والحديث.. وسلّمها مفككة لـ”القيصر” و”الملالي”.. الإبن أعاد سوريا إلى أحضان “الانتداب الجديد”.. نقل سوريا من إنتداب حضاري إلى إنتداب  متخلف..

نعم، سوريا التي كانت “قلب العروبة النابض”.. باتت اليوم “قلب القياصرة والفرس”!!؟؟

الولايات المتحدة أسقطت العراق “ثالث جيش في العالم”.. يوم قتلت صدّام حسين.. وأعدمت الجبش العراقي.. وأهدت العراق لإيران؟؟!!

77

والأهم، أن الأسد الإبن أسقط سوريا التي كانت إسرائيل تحسب لها ألف حساب.. فلم تعد سوريا اليوم في خانة العدو لإسرائيل.. وهي قد تعرّت من جيشها وسلاحه.. سوريا إنتهت بمفهوم إسرائيل..

أميركا وروسيا، بالتكامل والتضامن، أسقطتا العراق وسوريا – ولبنان على الطريق.. في أحضان الجمهورية الإسلامية الإيرانية..

والولايات المتحدة وروسيا ومعهما كل الغرب، أسقطوا كل المنطقة في أحضان إسرائيل.. مسكينة فلسطين لا أب يرعاها ولا أم تحتضنها.. والعرب خاصة “الممانعين” منهم مزقوا مقاومتها.. وإغتالوا من سلم من قادتها.. من بطش إسرائيل.. وكل القادة العرب ليسوا أبرياء من الجريمة؟؟

كم ظلمنا الرئيس بورقيبة يوم رشقناه بالبيض في بيروت.. وتم تخوينه من جهابذة القادة العرب.. بسبب دعوته للقبول بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود.. بعد نكسة الـ67، كان الطموح العودة إلى حدود ما قبل 1967، اليوم بات الطموح العربي إقامة بلدية على أرض فلسطين؟؟!! وليس العودة.. يا للعار!!..

والطموح الآخر، إعادة بعض النازحين السوريين، وهم بالملايين، إلى أرضهم وقراهم.. وهل يُسمح لقاتل شعبه بشار الأسد بالترشح من جديد؟؟..

أليس محبطاً، عندما يتحول الطموح، إلى القبول بالماضي الرديء الذي ثُرنا عليه.. إنها المصيبة بعينها، عندما يصبح القعر أقل عتمة من سطح الأرض..

الرئيس فلاديمير بوتين وبنيامين نتانياهو، إتفقا على “آليّة لتنسيق الأعمال العسكريّة بين البلدين بهدف تجنّب أيّ إحتكاك في سورية”. وتوافقا على طمأنة إسرائيل بالنسبة إلى النظام الأسدي.. فـ”الخط الساخن” مفتوح بينهما على مدار الساعة.. علما أنها لم تعد بحاجة إلى طمأنة من “سوريا المريضة”.. وفي كل الأحوال أمن إسرائيل من أمن النظام السوري..

الإحترام الواضح لمصالح إسرائيل الحيوية في سوريا.. من قبل روسيا وأميركا ليس بحاجة إلى دلائل وبراهين.. وربما يكون الإحترام الروسي لمصالح إسرائيل لا يقل عن الأميركي..

وهل نذكّر بكلام الجنرال الروسي أندريه كارتابولوف الذي يقول: “الروس والاسرائيليون يسهرون على مدار الساعة على تبادل كل تفصيل يتصل بالوضع الجوي في سوريا”.. وهل من حاجة للسؤال: كيف وصلت الصواريخ الإسرائيلية إلى جرمانا؟؟!!..

لا شك أن التوافق قائم بين إيران وروسيا والقاسم المشترك بينهما، دعم نظام الاسد ضدّ شعبه في الوقت الحاضر.. وواضح أن شهر العسل لن يستمر طويلاً.. لأن “نيّة الجمل غير نيّة الجمّال”..

بالنسبة لإيران فإن إسرائيل هي العدو رقم واحد ولا بدّ من إزالتها عن خريطة الشرق الأوسط.. فيما إسرائيل بالنسبة لروسيا هي الصديق رقم واحد.. وممنوع المساس بأمنها.. وهناك معاهدة تعاون إستراتيجي وقعها بوتين عام 2010، تقول بضرب كل من يهددها في الجولان!!..

غريب، ممنوع المساس بإسرائيل وببشار الأسد.. الاثنان هما خط أحمر بالنسبة لروسيا.. فماذا يعني هذا التلاقي المريب.. وليس الغريب..

وما هذا التلاقي الغريب وليس العجيب، بين إسرائيل وروسيا وبشار الأسد الذي يشكل ضمانة لأمنها وإستقرارها في الجولان.. كما كانت الحال أيام حافظ الأسد..

السؤال: أين إيران من هذا “الحلف” المعمّد بدم الشعب السوري؟؟.. هل هذا هو حلف “الممانعة” بنسخته الجديدة؟؟!!..

حلف الممانعة الجديد يضم: “بوتين ونتانياهو والأسد”.. فمتى تنضم إليه طهران؟؟!!