ظاهرة التعنيف من أسباب تخلف مجتمعاتنا!

هشام يحيى

كثيرة هي الأسئلة التي تطرح من هنا وهناك عن سر أسباب تخلف العرب وتراجعهم فيما سبقتهم جميع الأمم في التقدم الإنساني والحضاري والعلمي والثقافي.

الإجابة على كل هذه الأسئلة قد يحتاج إلى أبحاث وشروحات عديدة لإستنتاج مكامن أسباب هذا التراجع الذي يصيب مجتمعاتنا العربية على كافة الصعد، لذلك سوف نكتفي بالإضاءة على ظاهرة العنف الوحشي في واقع حياتنا اليومية العربية التي تسبب في قتل نعمة الإنسانية في نفوس وقلوب الشعوب العربية التي باتت تفتقد لهذه النعمة مع ما تحمل في طياتها من عاطفة وتسامح ومحبة ومودة تجاه الإنسان الآخر.

فالمواطن العربي الذي يتربي في منزله تحت وطأة العنف الأسري الذي يصل في الكثير من الأحيان إلى حدود التوحش غير الإنساني، هو مواطن يفقد الكثير من إنسانيته وكرامته ومودته وطيبته تجاه الآخر، وهذا الأمر يسبب في جنوح هذا المواطن دائماً نحو جنون العنف كسبيل وحيد لمعالجة قضاياه ومواجهة ما يعتري حياته من تحديات يومية.

وما نتحدث عنه ليس بعيداً عن ثقافة حياتنا وتربيتنا في لبنان الذي نتغنى فيه بالحضارة والتطور والإبداع والتقدم والإنفتاح.

 فما شاهدناه خلال الأسابيع الماضية عبر أكثر من محطة تلفزيونية عن قيام اباء بممارسة التعذيب الهمجي الوحشي على أولادهم هو أمر يستحق دق ناقوس الخطر الإجتماعي لمواجهة هذه الظاهرة المدمرة لاجيالنا الصاعدة التي تزرع في نفوسها التشوهات المدمرة لإنسانيتها، كما تنمي في سلوكياتها عادة ممارسة العنف في مرحلة النضوج، ومما لا شك فيه أن موبقات هذه الظاهرة المرضية تشكل علة أساسية من علل تخلف وتراجع مجتمعاتنا العربية على إطلاقها.

فما نشاهده يومياً على شاشات التلفزة المحلية والعالمية من فظاعات وإجرام وتنكيل وتعذيب في أكثر من بلد عربي لا سيما في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من البلدان العربية ليس سوى نتيجة لتلك التربية المنزلية القائمة على ممارسة العنف تارة على الأطفال والأولاد وتارة آخرى على المرأة العربية، وهو عنف عادة يبرر تارة بالتعاليم الدينية التى تشوه جوهر الأديان التي تنادي جميعها بالعدل والرحمة والمحبة والتسامح، وتارة أخرى ببعض الخرافات الموروثة المتخلفة البائدة التي تسمح بتبرير ظاهرة هذا العنف المخيف الذي يتدرج من حالة التأديب إلى حالة التعذيب الفظيع.

التعنيف

بناء على كل ذلك، نطالب في لبنان كما في كل أرجاء البلدان العربية التي تربي أجيالها على القمع والعنف والتعنيف والتعذيب بسن القوانين التشريعية الحديثة الصارمة التي تحمي الطفولة من العنف الأسري بكل أشكاله ومندرجاته، والتي أيضاً تنزل أشد العقوبات الجرمية بحق كل مجرم يرتكب جرم التعنيف والتعذيب بحق أولاده أو أي إمرأة عربية كائنا من يكون هذا المجرم الخطير.

كما نطالب بورشة إصلاح تربوية لكل مناهج التعليم التربوية في العالم العربي التي يجب أن تكون حديثة وعصرية منسجمة مع حقوق الإنسان وإحترام كينونيته وحريته وكرامته، ومن دون أدنى شك أن أساليب التربية الحديثة يجب أن تمتد إلى كل بيت عربي من خلال حملات التثقيف التي تنمي الوعي العربي على أهمية نبذ العنف واعتماد الحوار والتفاهم سبيلا وحيداً لتربية أجيالنا الطالعة لتكون هذه الأجيال قادرة في المستقبل من خلال الحوار والتفاهم لا القتل والتدمير والإجرام المروع على إنتشال العالم العربي من قعر التخلف إلى رأس قمة التقدم والتطور الذي سبقتنا إليه معظم أمم هذا العالم.

اقرأ أيضاً بقلم هشام يحيى

لهذه الأسباب لن ينالوا من وليد جنبلاط وحزبه وجبله!

الوفاء لقضية الشهداء…

قاتل الأطفال هو نفسه في غزة وحلب!

قناة التشبيح والأشباح!

لبنان والمحاسبة السياسية

هل هو نبش للقبور أم تزوير للتاريخ؟

ميشال سماحة والمصير البائد

لبنان وقدر لعبة الأمم

ليس دفاعا بل انصافا للحقيقة ولوليد جنبلاط

6 كانون ثورة متجددة في عالم الإنسان

#الحراك_والاستقلال

ميثاقية أم غوغائية انتحارية؟!

#طفلة_الصحافة_المدللة

التدخل الروسي: آخر أيام الطاغية

#بدو_كرسي_لو_عمكب

ماذا يعني أن تكون “معروفيا” عربيا؟

معركة القلمون و”شيعة السفارة”

النخبة الممانعة وخطايا النظريات القاتلة..!

” توترات السيد”..!

الاتفاق النووي و “الشيزوفرانيا” العربية!