التدخل الروسي: آخر أيام الطاغية

هشام يحيى

كثيرة هي التحليلات والقراءات لمشهد التدخل الروسي المباشر في الحرب السورية من خلال الضربات الجوية التي توجهها طائرات موسكو العسكرية، بالإضافة إلى الصواريخ الموجهة التي تطلقها البوارج من بحر قزوين والتي أحيانا تصيب أهدافها وأحيانا أخرى تخطأ كما حصل في الصواريخ التي سقطت سهوا في الأراضي الإيرانية.

ومما لا شك فيه أن التدخل الروسي هو مؤشر لا بد من اخذه في عين الإعتبار للقول بأن الأزمة السورية قد دخلت منعطفا مهما ، إلا أنه أيضا و خلافا لكل أضاليل البروبغندا الغوبلزية لقوى الممانعة والمقاومة فأن رياح المنعطف السوري الجديد يسير بعكس ما يشتهيه نظام الطاغية وحلفائه الإقليميين.

ومعاكسة الرياح هذه يمكن ملامسة نسائمها مباشرة من أرض الميدان التي شهدت سيطرة فصائل الجيش الحر على نقاط جديدة في ريف حماة الشمالي، بعد تصديها للهجوم البري الواسع الذي شنته قوات الأسد والميليشيات الإيرانية مدعومة بالطيران الروسي والذي أسفر عن نتائج معاكسة للقوات المهاجمة بعد الخسائر الفادحة التي حلت بها والتي أدت إلى تمكن فصائل الجيش الحر بعد ارتكابها مجزرة بدبابات النظام من السيطرة على تلة الصوان وحاجز المداجن ، بالقرب من بلدة مورك، مما جعل الثوار على بوابة قرية “معان” الموالية لنظام الأسد والتي تعتبر أكبر معاقل المرتزقة من العراقيين والايرانيين والافغان الذي تم استقدامهم إلى سوريا للقتال في صفوف النظام.

وفي حمأة كثافة النيران الروسية لم يتغير شيء على الأرض أيضا، فالجيش السوري الحر أعلن تباعا خلال الأيام الماضية عن تحرير عدة نقاط استراتيجية في جنوب سوريا، كما أن الجيش الحر في مدينة حمص نجح في قتل العقيد الركن حسن محمود عيسى المسؤول الحالي عن معظم حواجز حمص مع ثلاثة من مرافقيه ، وهذا الأمر اتى في سياق عدة عمليات نوعية ناجحة حققتها فصائل الجيش الحر والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مقتل الجنرال الإيراني حسين همداني أكبر مستشار عسكري للحرس الثوري الإيراني في سوريا، ومقتل أحد مؤسسي حزب الله وقائد عملياته ومرافقيه في سوريا حسن حسين الحاج الملقب بأبو محمد الإقليمي خلال معارك ادلب وحماه.

هذه المعطيات الميدانية وغيرها تقدم صورة واضحة في أن التدخل العسكري الروسي في سوريا قد يكون قادرا في بعض الأماكن المتفرقة على تحقيق بعض الخروقات على هذه الجبهة أو تلك في السياق الذي قد يسمح لجيش النظام السوري المنهك والمشتت بإحراز بعض التقدم الطفيف والمؤقت تحت وابل الغطاء الجوي والصاروخي الروسي الكثيف، إلا أن المعطيات الحقيقية والقراءة العميقة لهذا التدخل باتت تؤكد بأن هذا التدخل الروسي هو عاجز عن تبديل المشهد من قبل الجهات الدولية الإقليمية التي لا تزال متمسكة أكثر من أي وقت مضى بموقفها الداعم لقوى المعارضة السورية المعتدلة بالمال والسلاح والعتاد والرافض لأي حل سياسي يعطي بشار الأسد أي دور في مستقبل سوريا، ما يعني على أرض الواقع بأن روسيا ستغرق أكثر رويدا رويدا في المستنقع السوري الرهيب كما سبق للأميركي أن وقع في المستنقع العراقي الرهيب في العام 2003.

وبالتالي فأن روسيا ذاهبة نحو السيناريو الحتمي الذي سيستنزف الطاقات والقدرات والإمكانات الروسية المحدودة ، وهذا ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى وقوع الكارثة الحتمية بالمصالح الروسية والدور الروسي في المنطقة على المدى البعيد بعد أن تتوضح النتائج المخيبة لهذا التدخل العسكري الذي ستسفر نتائجه عن مرمغة أنف الدب الروسي الأرعن في وحول هذا المستنقع السوري الرهيب الذي سبق للإيراني وأزلامه الإقليميين أن ضاقوا لوعة ومرارة طعمه القاتل الذي لا مكان فيه للانتصار إلا للشعب السوري الذي يملك وحده حق تقرير مصيره ومصير مستقبل سوريا.

ليس هذا وحسب، أن التدخل الروسي في سوريا هو دليل قاطع على فشل وهزيمة التدخل العسكري لإيران وحلفائها في سوريا من أجل نصرة الطاغية على شعبه، ما يعني بأن الاستنزاف الروسي الذي سيقود روسيا في عاجلا أم آجلاً للإنسحاب خالية الوفاض و خائبة من هذه الحرب التي تعطي مؤشرات واضحة وجلية على أن التدخل الروسي في سوريا ليس سوى آخر أيام الطاغية الذي سيذهب هو وحلفائه البرابرة الذين أمعنوا اجراما وقتلا وتنكيلا بالشعب السوري إلى مزبلة التاريخ.

أخيرا ، إذا كانت النتائج الجدية للقاء الذي جمع ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقيصر روسيا فلاديمير بوتين لم تظهر بعد، فأن المؤشرات الأولية لهذا اللقاء تؤكد بأن الدب الروسي الذي وقع في جب الاستنزاف السوري هو عاجز وغير قادر على تحقيق أي تغيير حقيقي في سوريا من دون ارضاء القوى العربية والإسلامية وغيرها من القوى الإقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة في الأزمة السورية و التي حتما لن تمد يد العون لإنقاذ الدب الروسي من ورطته الكبيرة ما لم يذعن للشروط الإقليمية والدولية الرافضة بشكل قاطع وحازم في أن يكون لطاغية الشام وحلفائه الإقليميين أي دور في أي منطقة جغرافية من أرض سوريا.

اقرأ أيضاً بقلم هشام يحيى

لهذه الأسباب لن ينالوا من وليد جنبلاط وحزبه وجبله!

الوفاء لقضية الشهداء…

قاتل الأطفال هو نفسه في غزة وحلب!

قناة التشبيح والأشباح!

ظاهرة التعنيف من أسباب تخلف مجتمعاتنا!

لبنان والمحاسبة السياسية

هل هو نبش للقبور أم تزوير للتاريخ؟

ميشال سماحة والمصير البائد

لبنان وقدر لعبة الأمم

ليس دفاعا بل انصافا للحقيقة ولوليد جنبلاط

6 كانون ثورة متجددة في عالم الإنسان

#الحراك_والاستقلال

ميثاقية أم غوغائية انتحارية؟!

#طفلة_الصحافة_المدللة

#بدو_كرسي_لو_عمكب

ماذا يعني أن تكون “معروفيا” عربيا؟

معركة القلمون و”شيعة السفارة”

النخبة الممانعة وخطايا النظريات القاتلة..!

” توترات السيد”..!

الاتفاق النووي و “الشيزوفرانيا” العربية!