طلّة راقية في ذكرى مولده
منير بركات
6 ديسمبر 2018
في ذكرى مولده، أقامت رابطة أصدقاء كمال جنبلاط كما عودتنا كل عام في هذه الذكرى بطلتها الراقية هذه السنة ندوة تميزت بمعالجة “صراع الهويات ومستقبل العالم العربي”، والتي تعكس أحد الهموم الأساسية التي كان يحملها الشهيد المعلم، أي توحيد الشعوب العربية حول التكوين المحوري لقضاياها بتفاعل جدلي بين الوطني والقومي دون إقصاء أو إخضاع بقصد التلاحم المصيري ومن منطلق إنساني هادف، أي بمضمون ديموقراطي بعيداً عن أنظمة القمع الشمولية.
ولكي نتناول هذا الموضوع وندرك أهميته، علينا تجاوز حصره في وجهه الفكري كإحدى البنى الفوقية للمجتمع، أو أن نجعل النهضة العربية رديفاً للتحرر الوطني، بل علينا أن نتناول المسألة من زاوية مختلفة. فالنهضة استمرارية الذات، حضارية، يتحتم عليها المرور بمراحل الحياة والموت والانبعاث. إنها إذن ظاهرة كلية تشمل مسيرة التحرر الوطني في إطار مشروع حضاري وطني شامل.
ما زال التأريخ العربي تواصلياً في منهجه، لأن كل مذهب يقدم تاريخه المطلق لتحديد الذات القومية ليقول لخصومه إنه التاريخ الفعلي. فالقومي العربي لم يستطع أن ينفرد في تقديمه الأدلة منفرداً ليبين أن وظيفة التاريخ العربي الإسلامي خلق الهوية العربية، وأن للعرب تاريخاً واحداً يميزهم عن الشعوب الأخرى “الخلافة”.
– الإسلامي اللاقومي ليبين بأن الجامع لم يكن سوى ديني وأن القومية العربية لم تكن سوى مؤامرة تفكيكية بادرت بها الأقليات بتعاون مع أوروبا.
– وأيضاً بدوره يتصدى الاتجاه القطري والذي يكرس زمن التفكك في المجتمع العربي كان أطول من زمن التلاحم بسبب عدم الربط الجدلي بين الوطني والقومي والعكس صحيح، وكل منهما شريان للآخر ومصدر للحياة فيه.
الفكرة لا تستمد هويتها من ذاتها، بل من إطارها أي من موقعها على أرضية الصراع الاجتماعي ومن قاعدتها البنيوية.
لذا تطرح إشكالية الهويات والنهضة ومستقبل العالم العربي من المنطلقات الآتية:
– افتراض توفر العمق التاريخي للمجتمع الطامح للنهضة. فإذا انتفى هذا العمق انحصرت بالتحرر الوطني.
– الاعتراف بواقع الانحطاط كشرط للوعي وبضرورة القطيعة وتجاوز الانحطاط.
ـ التسليم بفشل محاولات النهوض السابقة.
يتطلب تحديد الانحطاط وتوقيته منهجية تاريخية تنطلق من إثبات استمرارية الذات الحضارية في التاريخ.
فالحاضر المتأزم لا يكون انحطاطاً بعد ازدهار ولى عهده إذا انتفت استمرارية وجود الذات.
تحدد عوامل الانحطاط.
– عناصر الهوية التاريخية.
– مدى تفككها المسبب لتوقف الإبداع الحضاري.
يتطلب تحديد النهضة معرفة العمق التاريخي للمجتمع الطامح إليها مما يتطلب نظرية مؤسسة للعمق التاريخي.
لا بد من صياغة فرضيات تتجنب أمرين:
-التفسير الأحادي الذي يفسر الانحطاط بسبب غياب عنصر تكويني جامع.
– التفسير البنيوي الذي يغيّب العمق التاريخي ويتوقف عند بنى الماضي القريب.
• رئيس الحركة اليسارية اللبنانية