هل يتجه لبنان نحو تطبيق المادة 25 في الانتخابات النيابية؟

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

تقول مصادر سياسية على إطلاع واسع بكل ما يجري من مداولات فيما يتعلق بقانون الانتخابات النيابية: ان الاوضاع في لبنان مُتجهة لتطبيق مندرجات المادة 25 من الدستور، والتي تعتمد في تطبيقها على مضمون المادة 24 منه. وتقول المادة 25: إذا حُلَّ مجلس النواب، يترافق مع قرار الحل دعوة الهيئات الناخبة حكماً خلال 3 اشهر، وفقاً لمضمون المادة 24 التي تنصّ حرفياُ “يُنتخب النواب وفاقاً لقوانيين الانتخاب المرعية الإجراء” اي وفقاً لقانون الدوحة 2008 (او الستين المعدل) القائم. واغلبية القوى السياسية الاساسية يبدوا انها مُتفقة على هذا المخرج، فيما لو لم يحصل الاتفاق على قانون جديد بين هذه القوى قبل نهاية مايو/ايار 2017، وبالتالي فستُعتمد الحلول التي تُطبق عندما يُحلّ المجلس على وضعية إنتهاء مهلة عمل هذا المجلس، والواقعة حُكماً في 20 يونيو/حزيران القادم، ومن دون قانون تمديد.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون؛ كان اول المُبشرين بتطبيق هذا الحل، عندما اعلن امام الوفود التي زارته الاثنين الماضي: “انه لا يوجد شيء اسمه فراغ في المؤسسات، وليقرأ الخائفون نص المادتين 25 و74 من الدستور ” وهذا يعني بطبيعة الحال؛ ان القانون الحالي هو الذي ستجري الانتخابات بموجبه – ومن دون تمديد للمجلس الحالي – وبعد 3 اشهر من 20/6/2017، اي بحدود 20سبتمبر/ايلول القادم.

الاقتراحات التي تطال قانون الانتخاب؛ تجاوزت ال 20 إقتراحاً، إضافة الى مشروع أقرَّته حكومة ميقاتي. وكل هذه المشاريع تنادي بتحسين مستوى التمثيل، ولكنها بمعظمها تهدف بالدرجة الاولى الى الحصول على اكبر عدد من النواب لهذه الكتلة او تلك، اكثر مما تهدف الى تطوير الحياة البرلمانية اللبنانية.

كان آخر الاقتراحات التي قُدمت الاسبوع الماضي؛ هو مشروع الحزب التقدمي الاشتراكي، وهو استند الى قاعدة متوازنة، يُنتخب بموجبها نصف النواب على الاساس الاكثري، في الاقضية الادارية المعتمدة كدوائر، والنصف الآخر بالطريقة النسبية على اساس الدوائر الموسعة. علماً ان هذا المشروع يتناقض مع توجهات الحزب الاساسية التي تتبنَّى الغاء القيد الطائفي في توزيع النواب، (وفقاً لمشروع الحركة الوطنية للعام 1975) ولكن الظروف القاهرة والصعبة التي تمرُّ بها البلاد اليوم، لا تسمح بممارسة الرفاه التشريعي، وبالتالي إدخال البلاد في اجواء تغييرية، قد توصِل الى نتائج غير محسوبة. اما مشاريع التأهيل الطائفي للنواب؛ فتُلغي العيش المشترك، وتهدِد الوحدة الوطنية (كما اعلن الحزب الذي يترأس كتلة نيابية ينتمي اعضاءها لطوائف مُتعدِدة.

الرئيس سعد الحريري الذي اعلن التجاوب مع اغلبية الاقتراحات المطروحة؛ مُتخوِّف من حصول الفراغ، ومُتحمِّس لإقرار قانون مهما كانت حيثياته، ولكنه بالمقابل؛ لا يستطيع الخروج من الالتزامات التحالفية التي تحكم حركته، وهذه التحالفات متنوعة؛ منها الجديد مع التيار الوطني الحر، وبالتالي مع فريق رئيس الجمهورية الذي لا يريد الدخول معه في خصام مهما كان الثمن، ومنها تحالفلات قديمة مع الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وغيرهم، لا يمكن للرئيس الحريري ان يكون على خصام معهم ايضاً، إضافة الى الصداقات التي تربطه بالرئيس نبيه بري.

الاطراف السياسية المختلفة تتواصل، وتُجري مشاورات دائمة للوصول الى اتفاق على قانون جديد، ولكن المعطيات المتوافرة؛ لا تؤشر على ان مثل هذا الاتفاق سيحصل على وجه التأكيد، لأن حسابات بعض الاطراف تتعارض مع الاجواء القائمة، وهي تعتبر ان العهد الجديد الذي يرأسه العماد عون؛ فرصة لتأسيس مقاربات سياسية جديدة، تُلغي المقاربات التي ارساها الطاقم السياسي الذي تولَّى الحكم في لبنان بعد اتفاق الطائف، وتحديداً منذ العام 1992، وبالتالي فإن جزء من الاعراف التي اُرسيت إستناداً الى التعديلات الدستورية؛ لا تحضى بتأييد في اغلبية الشارع المسيحي، ولا بُدَ من تغييرها، وفقاً لرأي هذه القوى.

الاجواء السائدة في لبنان توحي بأن الجميع ذاهبون لتطبيق ما ورد في المادة 25، وفي المادة 24 من الدستور، رُغم الشوائب الادارية التي قد تخلق بعض الاشكاليات في تطبيقهما، ذلك إذا لم تحصل مُعجزة الاتفاق على قانونٍ جديد.

 

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل