إخفاق في معالجة زحمة السير

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

لا يبدو ان لدى المسؤولين اللبنانيين نية ـ أو قرارا ـ بالخروج من دوامة الإخفاقات المعيشية التي تعاني منها البلاد، ولم يعد لدى المواطنين ثقة في معظم الكلام الذي يقال عن الإصلاح ووقف الهدر والفساد، لأن أغلبية المرافق الحياتية التي تهم الناس، تعاني من اضطراب واسع، لا يجوز ان يستمر بأي حال من الأحوال.

ولا يمكن الاعتداد بنتائج الانتخابات للقول ان الناخبين راضين عن بعض الأداء، لأن القانون كبل إرادة الناخب في الحسابات الطائفية والمذهبية، ولم يتمكن معظم الناخبين من تجاوز هذه الحسابات في خياراتهم أمام صندوق الاقتراع.

من أهم القطاعات التي يعاني اللبنانيون من جراء تردي وضعها، بعد الكهرباء والمياه، هي قطاع النقل، وما يتشعب عنه من زحمة سير، ومصاريف إضافية، وهدر للمال والمحروقات، وضياع للوقت، ومعوقات أمام الاستثمارات.

يكاد لبنان ان يكون من الدول القليلة جدا في العالم الذي لا يوجد فيه نقل عام ـ أو بالكاد يوجد بعض الباصات، وزحمة السير تكبل حياة المواطنين من موظفين وعمال وطلاب وعاملين في القطاع الخاص والمهن الحرة.

حتى ان المسؤولين من رؤساء ووزراء ونواب ومدراء، يعانون من تلك المشكلة، بحيث لا يصل أحدهم الى عمله او إلى موعده في الوقت المحدد بالغالب، إلا إذا سير مواكب من آليات الدولة ودراجاتها، تقطع له الطرقات، وينتظر الناس مروره بسلامة.

على ما يروي احد كبار المسؤولين المعنيين بالملف، فقد قدمت وزارة الأشغال العامة والنقل عدة مشاريع لحل المعضلة. منها شراء أسطول من الباصات لنقل الركاب، ومنها توسيع بعض الطرقات الرئيسية، او إنشاء طرق سريعة جديدة، خصوصا التي تصل بين المناطق اللبنانية المختلفة، وهناك اقتراح رفع الى مجلس الوزراء منذ ما يقارب السنة من المديرية العامة للنقل المشترك وسكك الحديد، ولا يكلف الدولة كثيرا، وفيه اقتراحات واقعية، وممول بقرض وهبة من البنك الدولي، وكما هناك عرض صيني بطريقة «بي او تي»، يقضي بإنشاء خطوط سكك حديد وأنفاق مترو بين المناطق الرئيسية، خصوصا في بيروت ومحيطها، ومن جنوبها في خلدة الى شمالها في جونية، ولكن الاقتراح ينام في أدراج مجلس الوزراء، بحجة ان الخطة ملحوظة في جداول مشاريع «سيدرز 4» التي ستعالج مشكلة كل البنى التحتية.

يعاني المواطنون اللبنانيون والمقيمون العرب والأجانب من اختناق غير مقبول على الطرقات، واحيانا يمكث بعضهم ساعتين في سيارته لقطع مسافة لا تزيد على 10 كلم.

كما ان 80% من اللبنانيين يذهبون الى عملهم – او لقضاء حاجاتهم – بسياراتهم الخاصة، لعدم وجود اي وسيلة نقل أخرى لائقة تربط بين أماكن سكنهم وأماكن عملهم. والنقل الخاص بالأجرة يعاني من فوضى، وهو ايضا ضحية لزحمات السير الخانقة في شوارع بيروت وعلى الطرقات الرئيسية.

بعض التفاؤل يتسرب الى اللبنانيين من جراء الثقة الواعدة عند عدد من الذين تم انتخابهم في المجلس النيابي الجديد، على أمل ان تكون تجربة بعضهم تختلف عن أداء بعض الذين سبقوهم.

ففي وزارة الأشغال على سبيل المثال، تم توزيع كميات هائلة من الزفت على الطرقات الخاصة وفي دور المنازل قبل الانتخابات ـ في ظاهرة لا يمكن القبول بها في اي بلد بالعالم ـ وتوقف تسليم الزفت بعد الانتخابات، وبعض الطرقات تعاني من حفر واسعة.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان