الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

رغم الأجواء الملبدة انتخابيا من جراء صعوبة تطبيق القانون، وعلى خلفية صعوبة ترتيب اللوائح الملزمة قبل 26 مارس الجاري، أضفى إقرار الموازنة العامة في مجلس الوزراء جوا من التفاؤل في الاوساط النقدية.

وموازنة العام 2018 التي تضمنت تخفيضات على العجز العام من 9666 مليار ليرة كما كان مطروحا الى 7268 مليارا وفقا لما انتهت اليه، بلغت النفقات فيها 23854 مليارا + 2100 تغطية عجز الكهرباء.

بينما بلغت تقديرات الواردات 18686 مليار ليرة، بزيادة 750 مليارا عن العام 2017، من دون لحظ اية زيادة ضرائبية جديدة.

نسبة النمو المقدرة للعام 2018 لا تتجاوز 2%، وهذا عامل سلبي جدا، لأن الاقتصاد اللبناني يحتاج الى 10% نمو ليستطيع ان يتكيف مع الاعباء الملقاة على عاتقه، ولكن مسحة من التفاؤل تبعثها المؤتمرات الدولية لمساعدة لبنان، والمنتظر أن تساعد الاقتصاد اللبناني على مواجهة التحديات الخطيرة الناتجة خصوصا عن اعباء الدين العام الذي بلغ 80 مليار دولار، وعن الضغط الذي يسببه وجود اكثر من مليوني نازح سوري وفلسطيني على ارضه.

الخلافات العلنية بين القوى السياسية اللبنانية كبيرة جدا، ومنها ما بدأ يأخذ أبعادا طائفية او مذهبية، كالسجال بين رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المالية (القيادي في حركة امل) علي حسن خليل.

ومنها خلافات على الاولويات في إدارة شؤون الدولة، وبعض الخلافات له طابع دولي واقليمي، نظرا لارتباطات بعض القوى المحلية بتحالفات خارجية.

رئيس الحكومة سعد الحريري اعلن من روما، ان كافة القوى السياسية اللبنانية ملتزمة بسياسة النأي بالنفس عن الملفات الخارجية الحساسة، لاسيما حول الموضوع السوري المختلف عليه.

والحريري يحاول تدوير الزوايا بمهارة فائقة تعرّضه احيانا للانتقاد، لأنه يدرك خطورة الاوضاع الاقتصادية، وصعوبة معالجتها، فيما لو عادت المناكفات السياسية الى الواجهة.

لذلك فهو يبتعد عن السجالات، ويتجاهل بعض الاستفزازات، ويتعاطى بمرونة فائقة لتمرير المرحلة بأقل خسائر ممكنة، لأنه يدرك أن اي خروج عن سياق التفاهمات، يؤدي الى انهيار محتم، من جراء مجموعة من العوامل الاقتصادية والامنية الضاغطة.

وبرغم الخلافات العلنية الكبيرة، فإن التفاهمات السرية كانت واضحة، وحملت دلالات واسعة في هذه المرحلة بالذات، ولولا هذه التفاهمات الضمنية، لم يكن بالإمكان إقرار الموازنة بهذه السرعة الفائقة.

حيث أقرتها اللجنة المختصة التي تجمع وزراء لا يتحدثون مع بعضهم البعض، من جراء القطيعة السياسية بينهم (تحديدا وزراء أمل ووزراء التيار الوطني الحر) ومن ثم اقرها مجلس الوزراء بجلسة خاطفة، وأحيلت في نفس اليوم الى القصر الجمهوري ووقع رئيس الجمهورية على مرسوم إحالتها الى مجلس النواب فورا، كما وقع على مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، لإقرارها بالسرعة المطلوبة.

انقذت التفاهمات السرية بين القوى الرئيسية الممثلة بالحكومة ـ بما فيها حزب الله ـ المؤتمرات الدولية الثلاثة لدعم لبنان، لأن القوى الدولية الكبرى اشترطت على الحكومة اللبنانية تخفيض العجز وإقرار الموازنة، لمساعدة لبنان. وهكذا حصل. لكن التفاهمات السرية الممكنة على الملفات الاقتصادية والمالية، متعذرة بطبيعة الحال في ملف التحالفات الانتخابية.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان