انتخابات لإثبات الوجود السياسي

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

تبدو الانتخابات النيابية التي ستجري في لبنان في 6 مايو القادم غير عادية، وهي تفتقد البرامج السياسية والاقتصادية، وتدور شعارات اغلبية القوى حول ذاتها، وغالبا ما تتحدث هذه القوى عن الشيء ونقيضه بين الصبح والمساء.

وينطبق هذا الامر على اغلبية الاحزاب والتيارات، وعلى القوى الجديدة التي تستند الى ثروة مالية، او على استثمار لبعض الشعارات التي تخلى عنها اصحابها الاساسيون وبعض هذه الشعارات تعتمد على اوهام غير واقعية.

ويشمل هذا الانطباع بعض الافراد الذين يتحركون تحت شعارات مدنية او استقلالية او لتعزيز تمثيل المرأة، بينما تبدو على حركتهم حسابات الطموح الشخصي، اكثر مما تبدو ملامح التغيير الواعد.

منذ ما قبل إقرار قانون الانتخاب الجديد في 17/6/2017، توضحت اغلبية اهداف الانتخابات على اعتبار انها: انتخابات لإثبات الوجود السياسي، او لإعادة إنتاج توازنات جديدة تقفز فوق الأثلاث المعطلة التي يتكون منها المجلس النيابي الحالي، وكذلك للقفز فوق ما كان يعرف بـ«بيضة القبان» التي غالبا ما انيط دورها بكتلة اللقاء الديموقراطي التي يرأسها النائب وليد جنبلاط.

وإثبات الوجود السياسي يتمحور حول تشكيل كتل كبرى من الطوائف الكبرى، لأن ذلك – برأي قادة هذه الكتل – يقود الى تحديد اسماء الذين سيتولون الرئاسات الثلاث، على اعتبار ان رئيس اكبر كتلة في طائفته يتولى الرئاسة المحسوبة على الطائفة

. اي رئاسة مجلس النواب المناطة عرفا للمسلمين الشيعة ورئاسة مجلس الوزراء المناطة عرفا بالمسلمين السنة، ولاحقا رئاسة الجمهورية المناطة عرفا بالمسيحيين الموارنة، وكان هناك استهداف واضح لإضعاف الكتلة الرابعة التي يمثلها اللقاء الديموقراطي على اعتبارها تضم نوابا من طوائف متعددة، وهذا لا يناسب الكتل الكبرى الأخرى، لاسيما التي تتشكل من اغلبية نيابية مسيحية.

ودارت دائرة التحضيرات الانتخابية ـ كما القانون ـ حول هذه النقطة، فغابت البرامج، واستعيض عنها ببعض الشعارات الطائفية والمذهبية ـ العلنية منها والسرية ـ لتعبئة الجمهور، وشاركت اغلبية القوى في هذه اللعبة واصبحت اسيرة نفسها في التحالفات، وادرك الذين تحمسوا للقانون – النسبي والتفضيلي والمذهبي – الحالي، انهم ربما يكونون اولى ضحاياه، وما رسموه قد لا يتظهر لوحة جميلة تسعدهم بعد إقفال صناديق الاقتراع.

الثنائية الشيعية: يبدو انها تجاوزت جزءا اساسيا من المخاطر التي قد تطولها من خلال الائتلاف الحديدي بين حركة امل وحزب الله.

لكن ورقة التفاهم بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لا يمكن لها ان تصمد في مواجهة التنافس القائم للحصول على اكبر كتلة، كما ان الصوت التفضيلي لا يمكن ان يحافظ عليها كما اراد الفريقان لها.

اما كتلة المستقبل فيبدو انها تستطيع ان تحافظ على الكثير من منجزاتها، ولكنها عرضة هي ذاتها للمحاصرة.

اما كتلة اللقاء الديموقراطي فتشعر بانها مستهدفة، وتحاول إثبات ذاتها امام العواصف العاتية التي تطولها، من مندرجات القانون الغريب، ومن نوافذ الطائفية التي تريد ان تشلحها جزءا من مميزاتها في تنوع اعضائها الطائفي، وفي تمركزها المناطقي المهم.

اما الكتل الصغيرة الأخرى والنواب المستقلون، فهم ايضا يخوضون المعركة الانتخابية على قاعدة إثبات الذات والعودة الى الندوة البرلمانية باقل خسائر ممكنة. برغم كل ذلك، فإن أكثر من 70% من نتيجة الانتخابات بدت واضحة وفقا لرأي اغلبية المراقبين.

يبقى الصراع على 30% من عدد النواب.

وهؤلاء ستتحدد هوية اغلبيتهم من خلال التحالفات الانتخابية التي تبين نسبة المفاجآت.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان