ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في 26 سبتمبر الماضي: «إن الذي يحصل تجاوز وتجرؤ على مجلس النواب، واعتداء على صلاحية رئاسته، وخرق لاتفاق الطائف، بل بداية لقتله».

هذا الكلام من العيار الثقيل، ولم يقله احد مثله وبهذا الوضوح حتى اليوم، حتى لو كان بمناسبة الجدل الذي اثاره قرار المجلس الدستوري الذي الغى بموجبه قانون فرض ضرائب جديدة لتغطية زيادة الإنفاق الناتجة عن سلسلة الرتب والرواتب.

مما لا شك فيه، ان تصريح بري يشبه الانذار الشيعي، لأنه يعترض على ما يعتقد انه تجاوز لصلاحيات رئاسة مجلس النواب، المناطة عرفا بالطائفة الشيعية.

يعتقد المقربون من الرئيس بري: ان في تعليلات المجلس الدستوري رائحة تجاوز حد السلطة، لأنها تحتوي على تفسيرات تمس صلاحية مجلس النواب بتفسير الدستور، وتتناول صلاحية رئيس المجلس التي تتمتع بقوة تقديرية في احتساب التصويت على القوانين، لاسيما عندما يكون هناك شبه اجماع – كما كان حاصلا عندما صوت المجلس على قانوني السلسلة والضرائب المنوه عنهما اعلاه، وكان يمكن للسلطة القضائية التي تسهر على احترام الدستور – اي المجلس الدستوري – ان تأخذ هذا الامر بعين الاعتبار، كون التصويت على القانونيين المذكورين لم يتم بالمناداة.

وفي الوقت ذاته تعترف اوساط الرئيس بري ان عدم التصويت بالمناداة كان بمنزلة الخطأ، ومن حق المجلس الدستوري الاشارة اليه، ولكنه لا يحمل اي سوء نية، والأكثرية التي تبنت تأييد القانونيين، كانت واضحة قبل الوصول الى التصويت، بما في ذلك تأييد نواب التيار الوطني الحر.

ويشعر الرئيس بري ان هناك استهدافا لدوره. وهو يراعي الأوضاع العامة وسقف الاستقرار، ولا يريد ان يفتعل مشكلة في وجه العهد، ولا عرقلة الخطوط العريضة التي اعتمدتها التسوية التي اوصلت الرئيس عون، ومنها خاصة التفاهمات التي حصلت بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. لكن قرار الرئيس عون بتعطيل جلسات مجلس النواب لمدة شهر في مايو الماضي أثار مخاوف بري الذي اعتبره موجها ضده.

اما الإشارات الأخرى التي يتحسس منها بري، فهي الثنائيات التي برزت داخل مجلس الوزراء، واستثنائه من الاتفاقات السرية على بعض الملفات او الصفقات، ومنها ملف الكهرباء والهاتف وربما النفط، على سبيل المثال. وقد برز التباين بين الوزراء المؤيدين للرئيس عون والوزراء المحسوبين على الرئيس بري، لاسيما عندما طرح ملف تلزيم البطاقة الممغنطة في مجلس الوزراء، واعترض عليها وزراء بري، وربطوا الموافقة عليها بالتسجيل المسبق للناخبين في المراكز المنوي إقامتها خارج اماكن تسجيل القيد، على عكس ما يريد وزراء التيار الوطني.

وترى اوساط الرئيس بري ان الفريق المقرب من رئيس الجمهورية يريد الإطاحة بكل الاعراف- او الانجازات- التي حققها اتفاق الطائف، وبقوة التعطيل احيانا. فالطائف الذي انتزع السلطة التنفيذية من رئيس الجمهورية، اعطاه حق استخدام «الفيتو» على كل ما لا يروق له، ولكن الرؤساء السابقين استخدموا هذه الصلاحية بالمنحى الايجابي، ولم يتصرفوا يوما على قاعدة «اذا لم يكن كما نريد فلن يمر اي شيء».

ورغم الخطاب الديبلوماسي الذي يعتمده بري في ايصال رسائله السياسية، ولكن الواضح ان بري يقاطع زيارات قصر بعبدا الاسبوعية التي كانت تحصل نهار الاربعاء، ويستعيض عنها بلقاء مفتوح للنواب في قصر عين التينة.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان