عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

احتفلت عائلة الوزير السابق د ..محمد شطح بالذكرى الرابعة على استشهاده، بحضور عدد كبير من القيادات اللبنانية، وأصدقاء الراحل، وكان في مقدمة الذين القوا كلمات بالمناسبة رئيس الحكومة سعد الحريري، وكانت كلمته مخصصة بغالبيتها عن الحوار كسبيل وحيد لحل المعضلات اللبنانية، قائلا: من دون هذا الحوار لا يمكن حفظ استقرار البلد، لأن ايا من القوى السياسية او الطائفية او الحزبية تستطيع تهديد الاستقرار بمفردها. وقال نستطيع ان نتكبر بعضنا على البعض الآخر او ان يقاتل بعضنا البعض الآخر، ولكن لا نصل الى اي نتيجة، ففي الماضي حصل الاقتتال بين اللبنانيين وبعد الخراب والقتل اجتمعوا في مدينة الطائف، لأنه لا سبيل الى حل المشكلات في لبنان إلا عن طريق الحوار.

العلامة الفارقة في احتفالية ذكرى استشهاد شطح هذا العام، كان العنوان الذي تصدر قاعة الاحتفال وهي «محمد شطح رمز الحوار». ومما لا شك فيه ان هذا العنوان له مدلولاته الواسعة في هذا الوقت بالذات، ذلك ان شطح قد يكون ذهب ضحية دعوته للحوار في زمن كانت تهب فيه عواصف التفرقة والتباعد، وكان التشرذم والاضطراب عنوانا تلك المرحلة، حيث كانت الأحداث في سورية في أوجها، وانعكاس هذه الأحداث كانت كبيرة، ودامية على لبنان. لكن شطح كان ضد اي تدخل في سورية من اي جهة كانت (على ما ذكر صديقه توفيق الهندي في كلمته خلال الاحتفال).

التفجير الإرهابي الذي استهدف سيارة شطح في 27/12/2013 وسط بيروت، كان غريبا عن سياق الأحداث في حينها، بمعنى ان عمليات الاغتيال السياسي كانت قد توقفت لـ 5 سنوات سبقت، رغم ان تفجيرات إرهابية حصلت في تلك الفترة، واستهدفت الضاحية الجنوبية.

التعليقات التي تلت عملية الاغتيال، ركزت على الدور الحواري الذي لعبه شطح، كونه كان ديبلوماسيا من الطراز الرفيع، وخبيرا ماليا متمرسا في المحافل الدولية وخلال توليه منصب نائب حاكم مصرف لبنان قبل ان يصبح وزيرا للمالية في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وبعدها كان مستشارا مقربا من رئيس الحكومة الحالي سعد الحريري.

يقول أصدقاء للشهيد شطح: ان اندفاعته باتجاه الحوار ربما كانت وراء اغتياله. وهو كان قد وجه رسالة الى احد رؤساء دولة إقليمية كبيرة معنية بالوضع في لبنان (ودائما وفقا لتصريح هؤلاء الأصدقاء)، يدعوه لفتح حوار إقليمي لحل المعضلات التي تنهك كاهل الأمة الإسلامية، لأن سياسة الهيمنة والتوسع لا يمكن ان تنتج استقرارا.

من المعروف ان شطح كان من صقور قوى 14 آذار، ولكنه في الوقت ذاته لم يراهن في اي يوم من أيامه على تحقيق حسم لأي ملف من الملفات الشائكة في لبنان وفي المنطقة برمتها عن طريق القوة. وخلال ترؤسه لبعثة لبنان في الامم المتحدة، كان يدعو دائما لحل الخلافات بين الدول الاسلامية عن طريق الحوار، ومن دون ذلك لا يمكن مواجهة الغطرسة الاسرائيلية، التي بدورها تستفيد من التباعد والاقتتال في الدول العربية والاسلامية، وهي بطبيعة الحال (اي اسرائيل) تحاول بشتى الطرق تعطيل المسار الحواري في المنطقة.

العبرة الأبرز من ذكرى اغتيال الوزير شطح، هي في ان الاغتيال السياسي في لبنان لا يمكن ان يلغي الرأي الآخر، ولا هو استطاع تغيير اي من المعادلات السياسية القائمة، ولم يؤدي قط الى هزيمة الطرف المستهدف. وعلى العكس، فإن عمليات الاغتيال كانت على الدوام تؤدي الى نتائج ليست في مصلحة الذين يقفون وراء المجرمين.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان