مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

كل القوى السياسية اللبنانية، ومعها الدول الفاعلة إقليميا ودوليا، تتصرف كأنها مجبرة على ضبط الهياج السياسي والأمني الذي وصل إلى حده الأقصى في الأسابيع القليلة الماضية.

ولعل ما حصل من تطورات على الساحة اللبنانية، كان الجزء الأبرز من هذا الهياج، من خلال ما رافق إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته، ومن ثم التريث في تقديمها رسميا الى رئيس الجمهورية.

الاتصالات التي جرت خلال الأسبوعين المنصرمين، ألقت الضوء على مجموعة من الأوراق الضاغطة والخطرة والتي تهدد الاستقرار في لبنان والمنطقة.

وتبين ان لبنان مرشح ان يكون ساحة صراع لتصفية الحسابات المتشابكة والمعقدة للعديد من الدول الكبرى المتصارعة، كما انه صندوق بريد لتبادل الرسائل السياسية والأمنية، وفي الوقت ذاته، فان لبنان اكثر من غيره مؤهل ان يكون مكانا للتلاقي بين قوى الصراع الإقليمية، لأن لكل من هذه القوى حلفاء، أو أصدقاء على الساحة اللبنانية لهم شأنهم المؤثر.

تبين من خلال نتائج مروحة التواصل الواسعة التي قامت بها القوى اللبنانية، لاسيما رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والمفتي عبداللطيف دريان ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط ووزير الخارجية جبران باسيل، ومن الاتصالات التي قامت بها فرنسا ومصر، ان الإخلال بالتوازنات القائمة في لبنان يشكل خطرا على الأمن الإقليمي والدولي برمته، والفوضى التي قد تحدث، لا يمكن تقدير نتائجها، نظرا لتداخل الوضع في لبنان مع زوايا التوتر في الشرق الأوسط، ما قد يخلق مشكلة كبيرة إضافية ل‍أوروبا.

ومن جهة أخرى، فقد تأكد ان هناك غطاء دوليا فعليا يضمن الاستقرار، ويمنع وقوع لبنان في دائرة نفوذ أي من القوى الإقليمية الفاعلة بمفردها، وان المصالح الدولية، كما ان الدول العربية، ومن خلال مواقفها المعلنة في مؤتمر وزراء الخارجية الأخير، أعلنت جهارا أنها لا تسمح بجعل لبنان غنيمة سياسية لمحور يعمل على تخريب الساحات العربية، واستخدامها مواقع نفوذ في سياق صراع هذا المحور مع الغرب.

مصادر واسعة الإطلاع ترى، ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حصل على ضمانات من إيران تقضي بفرملة الاندفاعة عند قوى «الممانعة» إرضاء للرئيس الحريري.

بالمقابل فإن قوى «الممانعة» أبدت استعداد لتسجيل بعض التراجعات، لأنها تتطلع الى أن تكون نتائج الانتخابات النيابية القادمة لصالحها، كونها جاهزة اكثر من غيرها لخوض هذه الانتخابات، وظروفها السياسية والمالية مناسبة، كما أنها تعتبر ان قانون الانتخاب الجديد الذي يعتمد النسبية مع الصوت التفضيلي سيكون في صالحها، لأنه يضمن لها الفوز وحدها في أغلبية البقاع والجنوب، ومقاسمة الآخرين في الساحات الأخرى.

هذه الضمانات التي حصل عليها الحريري، مضاف اليها وعد رئيس الجمهورية بالدعوة الى طاولة حوار حول الملفات الخلافية، ستضمن مساكنة حكومية مؤكدة الى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان