هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

رافق اجتماع الحكومة اللبنانية الثلاثاء الماضي في قصر بعبدا الرئاسي، مجموعة من التداخلات وسبقتها اتصالات واسعة، منها المعلنة ومنها غير المعلنة. وشمل الحراك قضايا اوسع من موضوع إعلان «النأي بالنفس».

وربما تكون هذه الاتصالات أسست لشكل جديد من التعاون السياسي بين الأطراف الممثلة بالحكومة، او تنظيم الخلاف فيما بينها على اقل تقدير، لمواجهة المرحلة الجديدة وصولا الى الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في الربيع القادم.

ومن الخصوصيات المميزة لهذه الجلسة الشهيرة، أنها الوحيدة التي تم نفي عقدها او تأكيد هذا الانعقاد قبل ساعات محدودة من التئامها، ولم يعرف إلا الوزراء عن الساعة المحددة للانعقاد، لأن الظروف الأمنية التي تحيط بتنقلات رئيس الحكومة، كانت تقف وراء هذا التكتم، ذلك وفقا لما قاله احد المتابعين للاتصالات التي سبقت انعقاد الجلسة.

من المعروف ان التباين الأساسي – او الاختلاف – حول مسألة «النأي بالنفس» كان ينحصر بين فريق رئيس الحكومة سعد الحريري ومعهم بعض الوزراء الآخرين، وبين فريق حزب الله.

وتلك التباينات كانت السبب الرئيسي لاستقالة الحريري.

والفريقان تنازلا عن الحدة التي غلبت على خطابهم في المرحلة الماضية، وبدا واضحا ان حزب الله ادخل تعديلا جوهريا على مواقفه مراعاة لرئيس الحكومة، بما في ذلك إعلان عدم تدخله في الاحداث الجارية في اليمن.

ورئيس الحكومة قبل الوساطات التي جرت معه من اطراف داخلية وخارجية للعودة نهائيا عن الاستقالة.

التسوية التي تم الاعلان عنها ببيان صادر عن جلسة مجلس الوزراء، وبلسان رئيس الحكومة، شملت كل الاطراف المشاركة في الحكومة، بما في ذلك حزب القوات اللبنانية الذي يعيش نوعا من انواع الحرب الباردة مع تيار المستقبل، ومع التيار الوطني الحر على خلفية مواقفه الأخيرة، لاسيما موقف القوات من استقالة الرئيس سعد الحريري، ومن ملفات النفط والغاز وموضوع استئجار البواخر التي تولد الطاقة الكهربائية.

وتقول مصادر تابعت الاتصالات التي سبقت جلسة الحكومة، ان هذه الاتصالات التي أدت الى إيجاد مخرج بواسطة البيان الموحد الذي اذاعه رئيس الحكومة، انتجت ايضا هدنة بين القوات اللبنانية من جهة والتيار الوطني الحر من جهة ثانية.

كذلك فإن هذه الاتصالات، بلورت نوعا من الاتفاق على القضايا الأساسية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي، وعلى درجة اقل مع حزب الله.

ومسودة هذا الاتفاق غير الملعن تتضمن عدة نقاط، لعل أبرزها:

٭ تفويض رئيس الجمهورية بمعالجة بعض الملفات الخلافية، وتعزيز دوره الجامع الذي يكفله الدستور كحكم بين كل مؤسسات الدولة، بما في ذلك منحه الغطاء الشعبي الجامع لتخريج خطة تحييد لبنان عن النزاعات المحيطة، من دون ان يؤدي ذلك الى الإضرار بمصالح اللبنانيين الاقتصادية والمعيشية.

٭ التعاون بين مختلف هذه القوى وغيرها في الاستحقاقات القادم – ومنها الانتخابات النيابية – كي يدخل لبنان الى هذا الاستحقاق من دون تشنجات قاسية.

٭ وشمل التفاهم الجديد تنظيم الخلاف الى الحدود الممكنة، كي لا يؤدي التنافس الانتخابي الى إعادة اجواء الانقسامات العمودية القديمة، لأن ظروف لبنان الاقتصادية والديموغرافية والجيوسياسية، لا تسمح اليوم بمثل هذه الانقسامات.

وتؤكد المعلومات المسربة من كواليس مفاوضات التسوية الجديدة، انها شملت جميع شركاء العقد الحكومي، ولو على درجات متفاوتة، وان حالة الطلاق التي كان يحكي عنها بين بعض شركاء التفاهمات والتحالفات السابقة، غير صحيحة، ولا يعني الامر ان وتيرة التنسيق بين هؤلاء ستظل على ذات الاندفاعة السابقة.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان