إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

شكلت الحركة التجارية والسياحية الى وسط بيروت ـ خصوصا في محيط مقر مجلس النواب ـ عنوانا لعودة الحياة الطبيعية الى لبنان، ومؤشرا على الازدهار الاقتصادي والسياحي والتجاري منذ مطلع العام 2000، حتى فبراير 2004، تاريخ استشهاد الرئيس رفيق الحريري، حيث تراجعت هذه الحركة الى حدودها الدنيا، وقضت المظاهرات، والمظاهرات المقابلة في 8 و14 مارس من ذلك العام على ما تبقى من حياة وسط بيروت، وغابت مظاهر الازدهار والحيوية عنها، وأغلقت شوارعها، وغادرها السائحون العرب والأجانب.

وتحولت تلك المنطقة المهمة من بيروت فيما بعد الى اماكن لنصب الخيام ليقيم فيها المعتصمون من طرفي الانقسام اللبناني، وكادت اكثر من مرة تتحول الى ساحة مواجهة دموية بين المتخاصمين، لولا العناية الإلهية، ثم لولا قدرة الجيش على ضبط الوضع.

وكانت ساحات وسط بيروت وشوارعها لفترة طويلة من الزمن ملجأ لكل المعترضين على اي من القرارات الحكومية، او على القوانين التشريعية، ومكث في باحاتها ـ لاسيما مقابل مقر الاسكوا ـ اهالي المفقودين، واهالي المختطفين لشهور عديدة، ما سحب من ذلك المكان كل عوامل الجذب الاستثماري او السياحي او التجاري.

قبل 10 أيام من نهاية العام 2017 اتخذت بلدية بيروت، وبتشجيع من رئيس الحكومة سعد الحريري قرارا، قضى بإقامة احتفال مميز في ساحة النجمة، ومحيطها لاستقبال العام 2018، على الطريقة التي تقام فيها الاحتفالات في كبرى عواصم العالم.

وتم تركيب تجهيزات صوت وإنارة، ضخمة جدا، ربما تكون المرة الاولى التي يستعمل مثلها في احتفالات فنية في لبنان.

وترافق مع هذه التحضيرات تجهيز شوارع فرعية بكاملها لعرض انواع الطعام المتعددة.

ورغم الطقس العاصف والماطر ليلة رأس السنة تقاطر اللبنانيون وغير اللبنانيين من كل مكان، وتجاوز عدد الحاضرين 50 ألف شخص وفقا لتقديرات قوى الأمن.

وسهروا الى ساعات الفجر الاولى مع نخبة من كبار الفنانين، وتخلل السهرة إطلالة شخصية لرئيس الحكومة.

وفاجأ نجاح الحفل رغم الامطار، الجميع بمن فيهم بعض القيادات السياسيةبعد يومين على نجاح احتفال وسط بيروت، قرر رئيس مجلس النواب نبيه بري إزالة الحواجز التي تحيط بساحة النجمة ـ حيث مقر البرلمان ـ وفتح الساحات امام المارة، ودعا اصحاب المؤسسات السياحية والمطاعم والمحال التجارية الى العودة الى المنطقة.

ولاقى قرار بري ارتياحا واضحا في الاوساط الشعبية، وعند المستثمرين ورجال الاعمال.

ومما لا شك فيه، أن القرار في منتهى الاهمية، لما له من دلالات إيجابية، في مجال الامن والاستقرار.

ما اهمية هذا القرار في هذا الوقت بالذات؟

تجيب اوساط متابعة رفيعة المستوى: ان ذلك القرار يعتبر إعلانا صريحا عن نهاية مرحلة، كان عنوانها المقاطعة والنفور والتهديدات الامنية، والدخول في مرحلة جديدة عنوانها بناء الاستقرار الامني وتحفيز النمو الاقتصادي، وعزل لبنان عن مشاكل المحيط، بصرف النظر عن حماوة الكباش السياسي الذي يدور حول مرسوم اقدمية بعض الضباط، او على صلاحية وزير المالية.

وتلك التجاذبات السياسية لا يمكن ان تلغي سياق التفاهمات التي حصلت منذ انتخاب الرئيس عون في نهاية أكتوبر من العام 2016 بغطاء دولي واسع.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل

الكويت ولبنان