لكي تصيبوا مقتلا في الارهاب، حولوه حافزاً وطنياً
منير بركات
28 يونيو 2016
عندما يعاني الشعب من استمرارية المأساة بوجوهها المختلفة، تغلب على المواقف والتصاريح تقليد الاستنكار مع لحظة الحدث، كمن يكرر نفسه بتقديم التعازي، والتضامن دون وضع الاصبع على الجرح في معالجةً الأسباب، لا بل الاسوأ من ذلك محاولة الاستفادة من الدماء، والإرهاب والتوظيف المبتذل، من أجل تأكيد صحة المواقف الخاطئة، وكل يشد باتجاه صدره للكسب السياسي على مقاسه بدل من تحريك الركود الوطني العام، وملء الفراغ بمستوياته المتعددة خاصة انتخاب رئيس للجمهورية، وإعادة النظر في تورط حزب الله في سوريا والعمل على الوحدة الوطنية، نرى المزيد من التصعيد في الخطاب السياسي ومزيد من الانخراط في الحرب السورية.
ان شروط محاصرة الارهاب وعزل البيئة الحاضنة هو المراهنة على مشروع الدولة والجيش الوطني والتعاطي مع أطراف الاعتدال والتعايش تحت سقف التاظم الاساسي المتجسد في الدولة والوطن وليس المبايعة الخارجية والمذهبية التي تبرر الارهاب وتعزز اتساعه.
ان مفاعيل وإرتدادات الأزمة السورية على لبنان ستستمر وسوف تتطور، والتصدي لها لا يمكن ان يكون إلا بتحييد البلد ولو بالحد الأدنى عن هذه الحرب وإيجاد القواسم المشتركة بين الجميع بعيداً عن المكابرة والإستقواء، والإنتماء الخارجي، والمجاهرة به، انها مادة تشكل ضعفا للعامل الوطني اللبناني وعنصر قوة للإرهاب وحاضنته.
لا يكفي ان ندين الارهاب ونرى ذلك بعين واحدة تحت ضغط الحدث علينا تطويقه بخطوات سياسية تتماهى مع القوة العسكرية للجيش والأجهزة الامنية والإلتفاف من الشعب حول الدولة والمساعدة على تجاوز ازمتها .
إذا اردتم ان تصيبوا مقتلاً في الارهاب، عليكم تحويل ارهابه الى وظيفة تحفز الوحدة الوطنية، وردم الثغرات في الفراغ المفتعل وتسريع إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وإعادة النظر في المشاركة بالحرب السورية ولبننة القرارات والانفتاح على قوى الاعتدال، ومغادرة أوهام ثقافة الاستباق والتبصير بديلاً عن التبصر، لا يمكن التعامل بردود فعل ممجوجة ومستهلكة مع كل امتحان وشعبنا يضعكم في دائرة الاتهام بالنزف المستمر والمخاطر الأمنية التي تهدده يومياً.
إن اجماعنا على مواجهة الارهاب وإدانته لا يعفيكم من المسؤولية في تعطيل الحلول وإحباط مشاريع الارهاب وتطويقها.
لا يمكن الاستمرار بما نحن عليه نهجاً، سياسياً، وامناً، وتسيباُ يجب ان نقول الحقائق كما هي ارفعوا ايديكم عن لبنان وكفى وضعه في فوهة المدفع تحت عناوين ملتبسة لاتمت للعامل الوطني اللبناني بصلة، وليس لها علاقة بمواجهة العدو الصهيوني الذي يرقص فرحاً لما يجري.
ومن باب الاستنتاج والخيال السياسي الضروري، ان لم يستدرك الوضع في خطوات ملموسة سوف نشهد احداثا كبيرة ومرحلة جديدة يختلط بها الداخلي بالإقليمي ولن يحمي لبنان اي “ستاتيكو” دولي قائم .
(*) رئيس الحركة اليسارية اللبنانية