الى اي شرق جديد نعبر وعلى اي جسر

وهيب فياض (الأنباء)

عندما لحن مارسيل خليفة نشيد الجسر، الذي اختاره الحزب التقدمي الاشتراكي نشيداً له على مدى سنوات، وقدم من أجله كل ما يستطيع ولا زال يقدم ويحاول بكل طاقة أفراده ووعي قيادته ان يمنع انهيار الطريق إليه أو تغيير وجهتها.

مارسيل خليفة

 كان الحلم آنذاك في أوج تألقه، والإرادة الوطنية تفعل فعلها في استمرار متناسق لحركة بدأت بالخروج من كهوف عفن عصر الإنحطاط، والتبعية وضياع الهويات الوطنية، ليلاقيها كمال جنبلاط وجيله ممن حلموا بالشرق الجديد.

المعلم كمال جنبلاط

 أجيال حفرت بعرقها، وعّبدت بأجسادها وسقت بدمائها، وزينت بعقولها طريقاً الى نقطة بداية العبور الى الشرق الجديد.

وعندما وصل الطريق الى أول قواعد جسر العبور الى  هذا الشرق، وبسحر ساحر وبلا مقدمات، تغيرت خرائط بناء الجسر وقواعد عبوره، وهويات من يسمح لهم بالعبور، ووجهة سير العابرين انه شرق جديد حتماً. تراه من الضفة الأخرى، دون منظار لقربك منه. شرق جديد قد تستطيع العبور إليه على جسر قديم متهالك، مع ان الجسر الجديد قيد البنيان، دون الحاجة الى عقول وطنية، فالمهندسون والمقاولون والمنفذون كلهم أجانب عن هذا الشرق وقد تكون ثمة حاجة الى بعض الفعلة من أهل هذا الشرق للأعمال القذرة فقط.

 جسر يقام على قواعد من التعصب والتطرف والتمذهب. جسر يمول بمال الشرق المنهوب. جسر لا يمكنك عبوره إلا باتجاه واحد، فيما يملك غيرك حق العبور في كل الإتجاهات دون الحاجة الى إذن منك أنت صاحب الأرض الحقيقي، جسر دفنت تحت قواعده كل التضحيات وكل الشهداء وكل التاريخ وكل التراث وكل الثقافة وكل محاولات التنوير، جسر معبد بأجساد الضحايا ممن يحسبون أنفسهم شهداء او يصورهم مشغلهم كذلك.

  جسر ترى وأنت تعبره في الإتجاه الجديد ثروات أوطانك المبددة وسيادتها الممرغة بالتراب وشعوبها المقتولة والمشردة والمهجرة، جسر يدقق الحكام في هويات عابريه، دون ان يعلموا انهم سيكًونون منهم عندما تنتهي مهامهم.

img34

 انه جسر العبور الى شرق جديد، ولكن السير عليه تراجعي بخطى الى الوراء جسر قد تجد في نهايته حريتك من ثيابك القديمة البالية، ولكنك لن تجد ثياباً جديدة بل ستترك عارياً، وقد تجد على مقلبه الآخر طعاماً شهياً أعده طباخ ماهر دون ان تعلم ان خبزه قطع من جلدك، ومكونه خليط من لحمك مجبولة بأدمغة أهل الشرق المخفوقة بدمائهم المسفوحة.

مصممون على العبور الى شرقنا الجديد نبقى، شرق على قياس حلمنا وأملنا وان طال الزمن أو قَصُر فالسنوات لحظات عابرة في عمر الشعوب وان كانت سنوات عجاف.