سمير القنطار: السياسة تفرقنا ولكن فلسطين تجمعنا

وهيب فياض (الأنباء)

يوم وقع سمير القنطار في أسر العدو بعد عملية بطولية، كان الزمن زمن العمل الفدائي وزمن الكفاح المسلح لتحرير فلسطين. يومها كانت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج تهدر بالصوت الواحد أن المقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى وستبقى.

وكان النظام العربي تحت ضغط الشعوب يعطينا من طرف اللسان حلاوة. ويروغ منا كما يروغ الثعلب، ولكنه ومقابل كلام لا ينفع، أخذ منا حريتنا وجعلنا سجناء ومعتقلين وإن كنا خارج الزنازين تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة التي لا وجود لها إلا في الإعلام وعلى صفحات الصحف.

ويوم خرجتَ من السجن إلى الحرية كنت تعتقد وحتى لحظة استشهادك أن هدير الشعوب لا زال نفس الهدير وبنفس الشعارات وأن المشهد لا زال كما تركته يوم أسرك وأن بعض الأنظمة صادقة في ما تقوله شعاراتها.

لم تستطع في ظلمة السجن أن ترى الأفاعي تغير جلدها ولا الحرباء تغير لونها ولا أن تشتم رائحة كراسي الحكم وهي تجتذب مطأطئي الرؤوس كما تجتذب الجيف الذئاب متمادية في سرقة أحلامنا وحرياتنا حتى أصبح هدف إطلاق سراح الشعوب أولوية لا تقل أهمية عن تحرير الأرض بل لا يمكن تحرير الأرض بدونها. خرجتَ من السجن منتصب القامة كما دخلته ونعشك على  كتفك.

ولكن صحراء السياسة في العالم العربي جعلتك تحتار أي طريق ستختار، فإحتكمت إلى حدسك الذي ما قادك يوماً إلا إلى فلسطين، ولكن حدسك قادك إلى سوريا مع أنك عاشق فلسطين وعاشق الشهادة من أجلها وعلى أرضها وسواء كنت لحظة إستشهادك في جرمانا أو في مجدل شمس، فالأمر بالنسبة إليك سيان، لأن رصيدك النضالي صنع قدرك، فجعلك تستشهد بنيران العدو الصهيوني كما إشتهيت، وإن على أرض غير أرض فلسطين كما كنت تتمنى.

شهيداً قضيت صافي الولاء لقضيتك، ولو أن أرض إستشهادك فرقتك عن البعض من يقاسمونك عشقك، فإن معشوقتكم فلسطين تبقى الجامع المشترك لتبقى أنت في الذاكرة شهيد قضية فلسطين العادلة.