حروب السماء… لا تترجم على الأرض!

رامي الريس

فتحت صحيفة “نيويورك تايمز” اﻷميركية نقاشاً حول مستقبل ما سُمّي التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سوريا وما آلت إليه أوضاع هذا التحالف ﻻ سيما بعد إنطلاق عملية “عاصفة الحزم” التي قادتها المملكة العربية السعودية ضد اﻻنقلاب الحوثي في اليمن والتي إنطلقت في 16 آذار 2015 والتي تحوّل إليها اﻻهتمام الخليجي ( ﻻ سيما السعودي اﻻماراتي) بعيداً عن سوريا.

وللتذكير ببعض الحقائق والوقائع، فإن الرئيس اﻷميركي باراك أوباما كان أطلق في العاشر من أيلول 2014 خطة بلاده لمكافحة التنظيم اﻻرهابي وللعمل مع شركائها الدوليين لمضاعفة جهود منع مصادر التمويل عنه، وتحسين اﻻستخبارات وتعزيز الدفاعات والتصدير للعقيدة المشبوهة وضبط تدفق المقاتلين اﻷجانب إلى الشرق اﻷوسط ومنه (…)، وفق ما جاء في الخطة.

F041306PM-0035.JPG

لكن يبدو أن الوﻻيات المتحدة الأميركية أصبحت وحيدة في هذه الحرب الجوية المفترضة ضد “داعش”، فالتنسيق الروسي- اﻻسرائيلي إنطلق منذ زيارة رئيس الوزراء اﻻسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى موسكو ولقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (قبل إنطلاق العمليات العسكرية الروسية في سوريا)، وحلفاء أميركا العرب يفضلون الدعم الميداني لحلفائهم في الأرض السورية على المشاركة في طلعات جوية ﻻ تؤدي إلى نتيجة، بل أثبتت التجارب خلال اﻷشهر المنصرمة أنها ولدت نتائج عكسية تمثلت بتوسيع وتمدد “داعش” نحو مناطق جغرافية جديدة.

فاﻻمارات العربية المتحدة شاركت في الطلعات الجوية في سوريا للمرة اﻷخيرة في آذار الماضي، اﻷردن في آب المنصرم، والسعودية في أيلول وفق مسؤولين عسكريين غربيين. أما الحلفاء اﻷوروبيين، فيبدون أكثر حماسة لتنفيذ طلعات جوية في العراق وليس سوريا، كل ﻹعتباراته الخاصة. فرنسا، على سبيل المثال، لم تنفذ سوى 270 طلعة جوية إجمالية في البلدين معا. في حين إقتصرت المشاركة البريطانية على المواقف السياسية واﻻعلامية دون ترجمة فعلية. أما أوستراليا فأحد ﻻ يذكر أنها مشاركة أصلاً!

وأشارت المعلومات إلى أن ثماني دول عربية وغربية نفذّت نحو 5 بالمئة من أصل 2700 طلعة جوية في سوريا، مقابل نحو 30 بالمئة من أصل 5100 طلعة جوية في العراق؛ في حين قامت الوﻻيات المتحدة منفردة بباقي الطلعات في البلدين.

سوريا

القلق يعتري الكثير من الأوساط السياسية داخل اﻻدارة اﻷميركية التي سعت، منذ إنتخاب الرئيس باراك أوباما إلى محاولة محو اﻵثار السلبية التي خلفها العهد السابق بقيادة الرئيس جورج دبليو بوش ﻻ سيما حربي أفغانستان (2001) والعراق (2003). لذلك، حاول أوباما إبتداع تلك السياسة المسماة “القيادة من الخلف” عبر تعزيز التعاون مع الحلفاء اﻷوروبيين وترجم ذلك في الحرب على ليبيا.

ولكن، بات واضحاً أن هذا المسار غير قابل للإكتمال خصوصاً في سوريا التي تعقدت أزمتها بشكل كبير وتفاقمت تشابكاتها بعد التدخل الروسي.

خلاصة الأمر أنه طالما كل الأطراف الداخلية السورية واﻻقليمية والدولية تدرك إستحالة حسم الحرب عسكرياً وأنه ﻻ مفر من تسوية سياسية ما (قد تكون أولى تباشيره لقاء فيينا)، فإنه من الضروري تكثيف الجهود ﻹنتاج حل ما يضع حدا لمأساة الشعب السوري الذي سقط منه نحو 300 ألف قتيل وهجر من أهله 11 مليون مواطن داخل وخارج سوريا.

ولكن عندما تطحن الدول بعضها البعض وتتقاطع أو تتضارب مصالحها، فالشعوب المسكينة هي التي تدفع الثمن.

————————-

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!