الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!
رامي الرّيس
6 يناير 2018

كُتب وسيُكتب الكثير عن الحركة الإحتجاجية الشعبية في المدن والقرى الإيرانية. فبعد التحركات التي حصلت سنة 1999 و2009، تحرّك الشارع الإيراني مجدداً ولو تحت عناوين ومسميات وظروف مختلفة.
فالإنتشار الواسع للإحتجاجات في المحافظات الإيرانية المختلفة، وغياب القيادات السياسية لهذه المظاهرات هما من أبرز سمات هذا التحرك الذي قوبل، كما في كل مرة، بلغة التخوين والإتهام بالعمالة، وأتت مواقف وتغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصب مباشرة في مصلحة النظام الإيراني!
قد تكون مسببات الإنفجار الشعبي متنوعة بين منطقة وأخرى، وربما طابعها المشترك هو العنوان الإقتصادي، الإجتماعي والمعيشي؛ ولكن الأهم أنها مرتبطة بالعنوان السياسي في العمق.
فعندما تنادي الجماهير الغاضبة بتوفير التمويل الضروري لتمنية الإقتصاد الإيراني ومواجهة الفقر والبطالة من خلال وقف دعم “أذرع” طهران الإقليمية في سوريا ولبنان والعراق واليمن وسواها، إنما ترفع شعاراً سياسياً وليس إقتصادياً؛ وكأنها تطالب بالنأي بالنفس عن الملفات المنطقة التي أنفقت عليها طهران مليارات الدولارات لتوسيع نفوذها وتعزيزه في عدد من “الساحات”!
لطالما إعتمد النظام على الطبقات الشعبية الفقيرة المؤيدة له، لا سيما أن الطبقات الإيرانية المتوسطة تميل إلى الغرب وتطمح للتغيير، ولكن هذه المرة من خرج إلى الشوارع كان تلك الفئات الكادحة.
واللافت جداً أنها عبّرت عن غضبها ضد المؤسسة الدينية من خلال إحراق صور رموزها، وهو يخفي في مكان التوق إلى المدنية بعد أن حولّت الثورة الإسلامية (1979) كل مفاصل الحياة السياسية والإجتماعية والثقافية إلى مرتكزات دينية حصراً.
صحيحٌ أن الوصول إلى خلاصات حيال كل هذه التحركات الإحتجاجية لا يزال مبكراً، ولكن الصحيح أيضاً أن شرائح واسعة من الشعب الإيراني عبرّت، على طريقتها، على قدر كبير من الإستياء والغضب والرغبة في التغيير.
——————————
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة