من حقّ الناس أن تتعب!
رامي الريس
10 يوليو 2017

حالة التعثّر التي تشهدها إدارة البلاد تدفع المواطنين إلى فقدان الثقة بالدولة والمسؤولين، بالأحزاب والتيارات؛ عملياً بكل مكونات “الطبقة السياسية” (والخطأ الفادح أساساً أن تكون قد جعلت من نفسها “طبقة” فوق طبقات الشعب الأُخرى).
من حق الناس أن تتعب عندما تدفع فاتورة الكهرباء المنتظرة منذ إنتهاء الحرب، وفاتورة مولد كهرباء؛ فاتورة مياه الشرب (التي لا تُشرب) وفواتير الصهاريج المُتنقلة؛ فاتورة الهاتف الخليوي الأغلى مقارنة بدول أُخرى حيث تتوجب المكالمة مُعاودة الإتصال ثلاث مرّات لإنهائها؛ فاتورة الإنترنت الذي أصبح من ضرورات الحياة وخدمته سيئة؛ فاتورة القسط المدرسي الذي يستنزف الأهل وينهكهم ليتخرّج أولادهم ويعجزوا عن إيجاد فرص العمل؛ وتطول اللائحة…
من حق الناس أن تتعب عندما ترى أن المساحات العامة تضيق والأملاك البحرية تصادر، والحدائق الخضراء تتقلّص، والأبنية التُراثية تُدمّر، وناطحات السحاب تقطع الشمس والهواء والنور؛ فحتى ذاك المُسمّى الفضاء العام يتقلّص لصالح أصحاب العقارية والتجارية.
من حقّ الناس أن تتعب حين ترى أحزاباً وقوى تُصادر رأيها في قانون الإنتخاب، فتستولد مكوناً غريباً عجيباً وتقنع الرأي العام أنه قانون عصري يُحقق الإصلاح وصحة المُشاركة؛ أو عندما تنقض على النقابات فتتكتّل ضد أصوات النقابيين الأحرار الذين يُناضلون في الساحات العامة سعياً وراء لقمة العيش ورغيف الخبز والحد من الأدنى من الحقوق الذي تؤمن المعيشة الكريمة واللائقة.
من حقّ الناس أن تتعب حين ترى الفشل الجماعي في إدارة الشؤون العامة، حين تشهد التحريف المتمادي للدستور، وحين ترى أن القانون يُطبّق فقط على الضعيف، وحين تلمس عدم قيام بعض القضاء بواجباته.
نعم، من حقّ الناس أن تتعب!
ليس المطلوب من المواطن أن يُقدّم تحليلاً سياسياً عمّن يتحمل المسؤولية! بالنسبة له، الكل يتحمّلون المسؤولية بشكلٍ أو بآخر، ولو بنسبٍ مُتفاوتة. ولعل ذلك صحيح في مكانٍ ما.
لقد آن الأوان لمختلف القوى الفاعلة أن تُدرك أن من مصلحتها قيام الدولة وتفعيل مؤسساتها وأجهزتها، ومن مصلحتها تطبيق القانون، ومن مصلحتها أن يستعيد المواطن ثقته المفقودة بالدولة.
من حقّ المواطنين أن يتظاهروا، أن يتحرّكوا، أن يجتمعوا، من حقهم أن يصوتوا كأحرار في النقابات التي تجمعهم مهنياً، من حقهم أن يختاروا في صناديق الإقتراع من يُعبرّ عن وجهة نظرهم.
من حقّ الناس أن تتعب! ومن حقها على المسؤولين أن يسمعوا!.
——————————
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة
Facebook: Rami Rayess II
Twitter: @RamiRayess