تغيير مفهوم الإصلاح!
رامي الريس
20 سبتمبر 2017

حالة خلط الأوراق الداخلية التي عاشتها الساحة اللبنانية في الأشهر القليلة الماضية تحتّم التذكير ببعض العناوين التي قد نسيها البعض من الأطراف السياسية، أو يتناساها حمايةً لمصالح مستجدة أو لتحولات غير مفهومة في سياق الإنتظام الوطني العام.
التركيبة اللبنانية، بتعقيداتها وتشابكاتها، مبنية على شبكة من التحالفات والتوازنات السياسية الداخلية الدقيقة التي أثبتت التجارب التاريخية، القديمة منها والمعاصرة، أن التلاعب فيها كان دائماً يؤدي الى إختلال عام قد يعّبر عن نفسه مرات من خلال حقبات طويلة من الإضطراب السياسي والتعثر الوطني، ومرات أخرى من خلال إستيلاد دورات من العنف.
بطبيعة الحال، هذا الكلام الوصفي لا يرمي إلى بعث الرسائل بقدر ما يذكر بالواقع الداخلي اللبناني وضرورة البحث عن السبل الأمثل للحفاظ عليه والعمل على تطويره نحو تعزيز فكرة المواطنة، من خلال تقوية مشروع الدولة التي في ظلالها فقط يستطيع كل مواطن أن يمارس مواطنيته.
لكن، بمنتهى الصراحة، هل الأطراف التي تمتلك قوة تفوق قوة الدولة برمتها، تريد فعلاً قيام الدولة؟ وهل الأطراف التي تمر بحقبة “نهش” ما أمكنها من بنيان السلطة، مواقع وتنفيعات وتعيينات وصفقات، تريد فعلاً قيام الدولة؟ وهل الأطراف التي تعقد الإتفاقات والتلزيمات وتضرب عرض الحائط ملاحظات المؤسسات الرقابية لتمرير هذا العقد أو ذاك تريد فعلاً قيام الدولة؟
في نهاية شهر تشرين الأول المقبل، تكون قد إنقضت السنة الأولى من الولاية الرئاسية. هي الولاية التي إنطلقت بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية حاملةً شعارات الإصلاح والتغيير.
هل إنطلق قطار الإصلاح في مؤسسة عامة واحدة على الأقل؟ وهل بدأت عملية التغيير في وزارة واحدة على الأقل؟ هل أصبحت الدولة “دولة” أكثر؟ هل شعر المواطن اللبناني أن حياته تحسنت بنسبة ضئيلة ولو في قضية حياتية واحدة؟
لا يدخل هذا الكلام السياسي في إطار التحليل أو الإتهام بقدر ما يعكس رأي المواطن وقلقه وخوفه على مستقبله ومستقبل أولاده. هل نحن أمام مفهوم جديد للإصلاح؟ إشرحوه لنا عل عقولنا البسيطة تستوعب بعضاً مما يعلو فوق قدراتنا الفكرية!
——————————
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة