ما بعد الإنتخابات النيابية!
رامي الريّس
8 مايو 2018

مقاربات عديدة يمكن إعتمادها لقراءة نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، فالبعض قد يقاربها من زاوية نسب التصويت المتدنية، والبعض الآخر من زاوية حسابات الربح والخسارة؛ ولكن يبقى الأهم أنها كانت محطة مفصلية ومنعطف هام في الحياة السياسية اللبنانية.
ملاحظات سريعة:
أ- ثبت بما لا يقبل الشك أن القانون الإنتخابي الذي اعتمد كان سيئاً، والدليل أن نواباً ربحوا مقاعد بما يقل عن مئة صوت مقابل مرشحين عن المقعد ذاته نالوا آلاف الأصوات ولم يربحوا! وثبت أيضاً أن النسبية التي رفعوا لواءها قد ولدت مشوهة وغير مكملة العناصر، وأعطت في العديد من الدوائر نتائج معاكسة عن أهدافها.
ب- واضح أن نسب التصويت المتدنية عكست عدم إكتراث شرائح واسعة من اللبنانيين بالمشاركة في عملية الإنتخاب، إما لإقتناعهم أن التغيير صعب المنال، وإما ليأسهم من الواقع الراهن. عدا عن هذين العاملين، إتضح أيضاً أن الرسالة ليست موجهة حصراً لما يوصف بـ”الأحزاب السياسية التقليدية”، إنما أيضاً لمن يسمون أنفسهم “المجتمع المدني” الذي بات يمكن وصفه بـ”المجتمع السياسي” لإنخراطه في الإنتخابات ترشيحاً وإقتراعاً.
وهذا يدّل كذلك أن اللبنانيين يميزون بين القوى السياسية، فقدرة التحشيد برزت بقوة عند بعض الأطراف فيما أظهرت إختلالات عميقة عند قوى سياسية أخرى.
ج- ثمة موازين قوى جديدة برزت في تركيبة المجلس النيابي الجديد: صعود قوي وملحوظ لكتلة “القوات اللبنانية”، تراجع “تيار المستقبل” بشكلٍ ملموس، محافظة الثنائي الشيعي على حضوره القوي، صمود “اللقاء الديمقرطي” والحزب التقدمي الإشتراكي في وجه كل محاولات الإقصاء والإضعاف، عدم مطابقة النتائج عند التيار الوطني الحر لتوقعاته رغم تحقيقه الفوز في عددٍ كبير من المقاعد وفي ذلك أيضاً رسالة للعهد لسكوته عن الكثير من علامات الإستفهام التي تحوم حول أداء بعض وزراء “تكتل التغيير والإصلاح” إن لم يكن ترويجه لها في بعض الأحيان، عدم نجاح “المجتمع المدني” بتحقيق حضور برلماني يذكر وأحد أسباب ذلك هو تضعضعه وإنقساماته ووقوعه في تنفيذ ما كان يتهم “السلطة السياسية” به؛ بالإضافة الى الكثير من العناصر الأخرى.
هذه القراءة الأولية السريعة يفترض أن تمهد لقراءات أخرى مكملة، من جانب الأحزاب السياسية تحديداً، وهي مدعوة دون شك لتجديد خطابها وتجديد شبابها وتجديد رؤيتها ومقاربتها للملفات المتراكمة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وإنمائياً ومعيشياً.
الآن وقد انتهت الإنتخابات النيابية، العودة الى الهدوء والتعقل مطلوبة أكثر من أي وقت مضى، لتنطلق معها حقبة جديدة من العمل السياسي.
——————————
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة