هل من مصلحة لأحد بعودة الإستقرار إلى الشرق الأوسط؟

رامي الريس

قلائل في العالم العربي توقفوا عند الأرقام المثيرة التي أصدرتها نشرة “ديفينس وان” بناءً على معطيات قدمتها وزارة الدفاع الأميركية التي أعلنت أن مبيعات الأسلحة إرتفعت إلى “رقم غير مسبوق هذا العام بسبب الحرب ضد “داعش” وتوقيع عقود جديدة مع دول أوروبا الشرقية والأزمات المشتعلة من سورية إلى اليمن والعراق وليبيا”.

وقال مدير وكالة التعاون الدفاعي الأميرال جوزيف ريكسي أن “العام 2015 هو الأكبر في تاريخ الوكالة بمبيعات تخطت 46 مليار دولار فيما كان هذا الرقم 34.2 مليار دولار سنة 2014 و27.8 مليار دولار سنة 2013”.

كما أفادت المعلومات أن الوكالة أحصت نحو 120 طلباً شهرياً فضلاً عن وجود 13 ألف طلب لم يتم البت فيها بعد. هذا وتزايدت قيمة برامج المساعدات العسكرية من 10.7 مليار دولار سنة  2013 إلى 20.1 مليار دولار هذا العام لمئة وخمسين دولة.

وتركزت الزيادة في المبيعات على المروحيات والصواريخ لا سيما بطاريات “باتريوت” وأنظمة صواريخ دفاعية، بالإضافة إلى أنظمة السلاح الجديدة وأجهزة الإتصالات والتجسس. وأشارت المعلومات إلى أن هناك العديد من العقود المعلقة للحكومة العراقية لم يتم توقيعها وإبرامها بعد.

Untitled

لقد كُتب ونُشر الكثير عن عالم صناعة السلاح وأبطاله السريين والمعلنين، وتناول العديد من المؤلفين تأثير تلك الصفقات العسكرية الضخمة على الإقتصاد والدول والعلاقات فيما بينها. ومن ضمن هؤلاء المؤلفين الكاتب آندرو فاينشتاين الذي أصدر كتاباً بالإنكليزية عنوانه “The Shadow World” أو “عالم الظل” ويكشف فيه حقائق من داخل صفقات السلاح الدولية، ويقول أن معدلات الإنفاق العسكري بلغت 1.6 تريليون دولار أو ما يعادل 235 دولاراً لكل فرد على وجه الكرة الأرضية!

ويوضح أن أكبر الدول المنتجة والمصنعة للسلاح هي: الولايات المتحدة الأميركية، روسيا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، السويد، هولندا، إيطاليا، إسرائيل والصين.

ولا يتوانى الكاتب عن تقديم الأدلة والبراهين كيف أن الدول المذكورة أعلاه وسواها تغذي النزاعات المسلحة من بلدانٍ معينة من خلال تزويد الأطراف المتصارعة بالأسلحة الفتاكة. أما المثال الآخر الصارخ الذي إستشهد به فهو يتعلق بالسنوات الأولى من الديمقراطية في جنوب أفريقيا عندما أقنعت الدول الكبرى وشركات الأسلحة الحكم الجديد آنذاك بإنفاق مبالغ طائلة على التسلح، رغم أن نحو 6 ملايين من المواطنين كانوا يواجهون العديد من الأمراض والأوبئة وفي طليعتها “الإيدز” وشملت الصفقات عمولات لسياسيين ونافذين ووسطاء وسماسرة فاقت 300 مليون دولار. وخلال السنوات الخمس اللاحقة، فقدت جنوب أفريقيا نحو 355 ألفاً من مواطنيها الذين توفوا نتيجة عدم قدرتهم على الوصول إلى الأدوية والعلاجات الطبية الضرورية للشفاء!

syria

الإستشهاد بالمعلومات أعلاه إنما يرمي لربطها بواقع الشرق الأوسط والمنطقة العربية التي تعيش تحولات عنفية غير مسبوقة في أكثر من دولة ومنطقة. فالغرب إستفاد على مدى سنوات من تسويق “البعبع” الإيراني لبيع الأسلحة للدول العربية، واليوم ستتسابق شركاته للإستثمار في السوق الإيرانية التي تضم نحو 80 مليون مستهلك هم عملياً بحاجة إلى كل شيء، والغرب يستفيد أيضاً من سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يزرع الرعب في أوروبا، لا سيما الشرقية منها، وهو ما يبرر تهافتها على شراء السلاح وأنظمة التجسس. ولعل ذلك يبرر برودة الرد الأميركي والغرب عموماً على الخطوات العدوانية التي إتخذتها روسيا في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.

والروس بدورهم يستفيديون من تصدير السلاح إلى جمهوريات آسيا الوسطى التي ينظرون إليها على أنها حديقتهم الخلفية ويدعمون أنظمة ديكتاتورية تشبه نظامهم.

مع الأخذ بالاعتبار لكل هذه الوقائع والمعطيات، فإنه من المحق التساؤل هل أنه من مصلحة الولايات المتحدة فعلاً أن تستقر المنطقة العربية والشرق الأوسط عموماً؟ وهل من مصلحة روسيا في ذلك ؟ وإستطراداً، هل من مصلحة لأحد بالتوصل الى ذلك الإستقرار؟

—————————————–

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!