من حق اللبنانيين أن يغضبوا!
رامي الريس
17 أغسطس 2015
من حق اللبنانيين أن يغضبوا! نعم! من حقهم أن يعيشوا حالة من القرف واﻻشمئزاز التام! من حقهم أن يلوموا كل الطبقة السياسية وأن تمنع روائح النفايات الكريهة عليهم أن يمارسوا رفاهية التمييز بين مكونات هذه الطبقة أو أن يسعوا لتحديد المسؤوليات وتوزيعها!
بالنسبة لهم الكل مسؤول والكل مقصر والكل لم ينجح في أن يحقق أهدافهم وتطلعاتهم. وهم ﻻ يلامون على ذلك رغم أن تعميم الفشل والمسؤولية بالتعطيل يناقض الوقائع والمعطيات والحقائق الواضحة للعيان! ولكن بالنسبة لهم ﻻ فرق، وهذا أمر مفهوم بخلفياته ومسبباته. والهدف من هذا المقال ليس الدفاع أو التبرير ولكن إعادة تصويب النقاش في إتجاهه الصحيح.
التعطيل المنهجي الذي يُمارس من بعض الأطراف السياسية هو أحد أسباب الوصول إلى هذا القدر من المشاكل المتراكمة. ليس المطلوب نزع صفة التعثر والهشاشة عن نظامنا السياسي الطائفي البائد، ولكن في هذه اللحظة فلنعد إلى البديهيات بدل الغوص في نقاشات بينزنطية حول طبيعة هذا النظام وسبل تطويره أو تغييره أو بدل البحث في المسببات والظروف الدولية واﻻقليمية (وطبعا المحلية) التي وصلت بنا إلى هنا.
تعطيل المؤسسات الدستورية بدءاً باﻻنتخابات الرئاسية فاقم هذا الشلل شبه التام. صحيح أن إنتخاب الرئيس لن يكون كفيلا بإيجاد الحلول لكل المشاكل المستعصية دفعة واحدة أو بعصا سحرية، ولكنه سيشكل مدخلا حتمياً ﻹعادة اﻹنتظام، ولو غير المكتمل، لعمل المؤسسات الدستورية وسينزع الذرائع من أيدي بعض الفرقاء التي ترفع شعارات ﻻ تمت إلى الحقيقة بصلة، والحقيقة المجردة أنها تلهث خلف مصالحها الخاصة حتى ولو كان على حساب خراب البلد!
مهما يكن من أمر، وبالعودة إلى المعاناة التي يعيشها اللبنانيون، فإن القوى السياسية برمتها مطالبة بإعادة اﻹعتبار للرأي العام وللمجتمع اﻷهلي الذي يتحرك في الحد اﻷدنى (ولو أن بعض الشعارات السوقية في بعض الحالات تسيء الى تجاربه غير المكتملة وتطيح بأحقية القضايا التي يتظاهر في سبيلها).
من حق اللبنانيين أن ينتظروا من الحكومة رؤية إقتصادية وإجتماعية وتنموية شاملة تحدد لهم مسارهم المستقبلي، ومن حقهم أن يشاركوا في النقاش حول تلك الرؤية بما يتلاءم مع طموحاتهم وتطلعاتهم. ومن حق اللبنانيين أن يطمئنوا وأن يعيشوا بسلام وبالحد اﻷدنى من الكرامة اﻻنسانية.
من حق اللبنانيين أن ينعموا بالخدمات العامة، بالكهرباء والمياه، بالهاتف واﻻنترنت، وبالصحة والطبابة، بالضمان اﻻجتماعي وضمان الشيخوخة، باﻻستقرار السياسي واﻷمني واﻹجتماعي. ومن حقهم أن يفهموا كيف سيتم تسديد الدين العام المتنامي بشكل بالغ الخطورة!
من حق اللبنانيين أن يفكروا بالتغيير ومن حقهم أن يحققوه!
———————————–
(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة
Facebook: Rami Rayess II
Twitter: @RamiRayess