إسرائيل والطريق المسدود!

رامي الريس

ليست المرّة الأولى التي تعتدي فيها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وأغلب الظن أنها لن تكون الأخيرة. وليست المرّة الأولى التي تمارس فيها إسرائيل سياسة إرهاب الدولة وأغلب الظن أنها لن تكون الأخيرة. فإسرائيل قامت على فكرة الارهاب ومبدأ الارهاب. عصاباتها باشرت عمليّات القتل والتهجير في فلسطين التاريخيّة منذ الثلاثينات في القرن الماضي وإرتكبت المجازر العديدة لتحقيق أهدافها. وقد شهدت حيفا والقدس ودير ياسين والعشرات من المدن والقرى والبلدات الفلسطينيّة على تلك المجازر.

صحيحٌ أن دولة إسرائيل أصبحت قائمة بالفعل بسبب سياسة الحديد والنار والقتل والتهجير، وبسبب الدعم الغربي، وتحديداً الأميركي غير المحدود لهذا الكيان، وبسبب أيضاً التغاضي الدولي التاريخي عن الأفعال الاسرائيليّة ومشاريعها التوسعيّة والاستيطانيّة والعدوانيّة تطبيقاً لسياسة المعايير المزدوجة؛ ولكن الصحيح أيضاً أن هشاشة إسرائيل تظهر أكثر وضوحاً عند كل حربٍ من الحروب التي تخوضها وترتد سلباً عليها.

إسرائيل تجيد القتل، وتستطيع أن تحقق أرقاماً هائلة من القتلى والشهداء والجرحى في كل عدوان. ولكن هذا لا يلغي أنها خائفة ومرتعبة، وأن سكانها يحلمون بصفارات الانذار حتى لو لم يصعق صوتها في الآذان. هل يمكن لكيان مصطنع أن يدوم ويعيش إلى الأبد؟ لقد تعمّدت إسرائيل رفض كل المبادرات السياسيّة التي قٌدمت لها رغم أنه المحتل والمغتصب للأرض والقاتل! ومن أبرز تلك المبادرات التي رفضتها المبادرة العربيّة للسلام التي أقرتها قمة بيروت في العام 2002.

لقد فوتت إسرائيل العشرات من الفرص السياسيّة لوضع حد للنزاع التاريخي، وكان بإمكانها القبول بحدود 1967 وكسب السلام مع 22 دولة عربيّة في آن واحد، ولكن سياساتها التوسعيّة وفلسفتها المرتكزة إلى الخوف بسبب إحتلال أرض الغير وتهجيره، وعدم قيام الغرب بممارسة أي شكل من أشكال الضغط لدفعها نحو التسوية أدّى إلى الوضع الراهن.

لقد فضلت إسرائيل إستفراد العرب بحلول وتسويات جزئيّة مثل إتفاقيّة أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينيّة (1993) وإتفاقيّة وادي عربة مع الأردن (1994) طبعاً بعد سنواتٍ طويلة من إتفاقيّة كامب دايفيد مع مصر (1977). ولكن حتى إتفاقيّة أوسلو التي جاءت وليدة تغيّر الظروف الاقليميّة بفعل حرب الخليج الثانية بعد غزو العراق للكويت (1991)، والتي قدم فيها الفلسطينيون تنازلات كبيرة، لم تحترمها إسرائيل بل مارست سياسة التضييق على الزعيم التاريخي للثورة الفلسطينية ياسر عرفات وحاصرته في رام الله رغم أنه كان الوحيد الذي يمتلك الجرأة والقرار الحاسم بالسلام! وكأن إسرائيل لم تدرك أن إضعافها لعرفات ساهم في تقوية التيارات السياسيّة الأخرى المناهضة لمبدأ التسوية معها!

ولكن، في نهاية المطاف، ستصل إسرائيل إلى طريق مسدود، كما في كل مرة. فقط الأبرياء والأطفال يدفعون الثمن الباهظ!

——————————————————-

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!