هل يدافع ابراهيم الأمين عن حزب الله أم يتهمه

د.صلاح ابو الحسن

مقال الاستاذ ابراهيم الأمين في جريدته (الأخبار) بتاريخ 22/3/2013، تحت عنوان: “حزب الله في سوريا”، لا يدعو فقط الى الإستهجان، بقدر ما يدعو الى الإستغراب خاصة عندما يصدر عن كاتب مرموق، يعتبر أو يفترض، ان قارىء مقالاته على درجة من الثقافة والفهم والوعي، وان الإستخفاف بعقل الناس يسيء الى الكاتب نفسه قبل كل شيء..

في البداية نسأل: اذا كان “الدور الذي يؤديه حزب الله في الأزمة السورية” طبيعيا، فلماذا “يرأس” حكومة أعلنت التزامها بـ”اعلان بعبدا” والتزام سياسة “النأي يالنفس”؟..
لماذا اعتبار الرأي الآخر هو نتاج “الماكينة المعادية” ومؤامرة كونية استعمارية – امبريالية؟..

وكيف يمكن الإعتداد بقول السيد حسن نصرالله انه كرّر مرتين على الأقل “حتى الآن نحن لا نشارك في القتال في سوريا”!!. ثم تجهد لتبرير تدخله بحجة التصدّي لمؤامرات “الاستخبارية الإقليمية والدولية”.. وتتطالب بفهم “الخلفية العقائدية والسياسية والعملانية التي تجعله في موقعه الحالي”!.. باعتبار ان “العناصر الموضوعية”، تتعلق “بكون الأزمة السورية تمثّل، أحد عناوين الأزمة الداخلية اللبنانية، وأحد عناوين الازمة الاقليمية، ولحزب الله علاقة بنيوية بهذين البندين”.. الا يعني هذا الكلام ان الحزب يرتبط “بنيويا وعضويا” بإرادة “ولي الفقيه” وبالمشروع الإيراني؟؟.. فالدور المركزي لسوريا لم يكن مواجهة اسرائيل على مدى اربعين عاما، والدور المركزي لإيران كان يتمحور حول تخصيب اليورانيوم وعقد صفقة مع الشيطان الأكبر..

أجهدت نفسك اكثر من اللازم من اجل تبرير سياسات حزب الله في الداخل والخارج، وحبذا لو اختصرت الدفاع ببضع كلمات: الأمر لي شاء من شاء وأبى من أبى.. يحق لحزب الله ما لا يحق لغيره.. وما على اللبنانيين سوى الطاعة.. والا؟؟

حزب الله حرّر الجنوب من الإحتلال الإسرائيلي عام 2000، وهزم العدو شرّ هزيمة عام 2006، وهذا ما عجزت عنه كل الجيوش الإسرائيلية، هذا صحيح، وسيذكر كل اللبنانيين دائما تضحياته الكبيرة.. ولكن لا يحق له أن يُبقي اللبنانيين رهينة الى الأبد، ثمنا لانتصاراته.
صحيح ما تقوله ان “حزب الله يرى، ان الحرب القائمة تستهدف نقل سوريا إلى موقع سياسي واستراتيجي رافض لوجوده ليس كحزب له هويته العقائدية فحسب، بل أيضاً كقوة مقاومة ضد اسرائيل”.. ولكن ما معنى “الهوية العقائدية” لحزب الله وهل هي غير الهوية المذهبية؟؟ اما القول بمقاومة اسرائيل، الا تعتقد انه بعد القرار 1701، تحوّل الحزب الى حرس حدود على الأقل منذ سبع سنوات.. وبات يمثل “القائم بأعمال” او “محافظ” الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخط دفاعها المتقدم في جنوب لبنان؟؟ فاذا كانت سوريا المحافظة الإيرانية الـ 34 فان لبنان حكما سيكون المحافظة الـ 35..
وما معنى الكلام عن ان “حزب الله درّب وسلّح ويوفّر الدعم اللوجستي الكافي لجميع ابناء القرى الحدودية مع لبنان، وهم من اللبنانيين”.. ثم يدين وتدين انت معه، عدم التزام الفريق الآخر بسياسة “النأي بالنفس” و”اعلان بعبدا”؟؟ والسؤال: ماذا لو هبّ باقي اللبنانيين من الطوائف الأخرى لنصرة اللبنانيين المقيمين في سوريا؟؟!!
هل مارس حزب الله سابقا او يمارس اليوم، على انه حزب وطني لبناني ام علينا التذكير بقول ابراهيم أمين السيد (أول أمين عام لحزب الله عام 1984): “لبنان بناه الإستعمار، بالشكل الذي يحقق من خلاله البوابة والمدخل الفكري والثقافي الى منطقة الشرق الأوسط..”.

ويقول ابراهيم أمين السيد في مكان آخر: “إن الأساس في لبنان بالنسبة الينا، أن يبقى لبنان ساحة وموقعاً للصراع مع إسرائيل.. إن مصلحة الإسلام أن يكون لبنان هكذا”.

وهذا يعني أن يبقى لبنان الى أبد الابدين ساحة و”محافظة” ايرانية ينفذ سياستها وينقل رسائلها الى “الشيطان الأكبر” ومن معه كما حصل مع طائرة “أيوب”..
ومن هنا، ما معنى ان “يتولي الحزب حماية مقام السيدة زينب جنوبيّ دمشق” وماذا لو تولت المذاهب اللبنانية الأخرى، حماية مقاماتها الدينية في سوريا وفي غير سوريا؟؟!!

ومن أوكل لحزب الله مهمة حماية الأقليات في سوريا.. وهل صحيح ما تقوله ان حزب الله “استقبل فعاليات درزية ومسيحية وشيعية واسماعيلية من الأقليات التي تتحدث عن تعرضها لمخاطر حقيقية.. ووفّر لهم ما يمنع هجرتهم ويعزز صمودهم حيث هم”.. مما يعني حسب قولك، ان الدفاع عن الأقليات كل الأقليات تجيز لحزب الله التدخل في كل انحاء سوريا..

وهكذا، تتعدى حدود سوريا عندما تجيز لحزب الله، حق الدفاع الأمني والعسكري عن كل المقاومات من لبنان وفلسطين والعراق وصولا الى الخليج والمغرب انتهاء بأفغانستان وأميركا خاصة بعدد رحيل “هوغو تشافيز”.. ولماذا وحدها الثورة السورية ليست مقاومة.. وهل للظلم دين او مذهب؟؟..

والغريب انك تنتهي بالقول: “هناك من يستعجل جرّ الحزب، ليس الى ان يكون طرفاً مباشرا ومكتمل الحضور في الازمة السورية بل الى معركة شبيهة في لبنان”.. وهناك من يريد إعادته “الى دائرته الطائفية والمذهبية الضيقة، ويجعله خصماً أهلياً لغالبية اللبنانيين”..

غريب هذا الكلام.. فهل شطب الحزب من أدبياته ان 7 ايار هو يوم “مجيد” وهدّد بمئة 7 ايار إذا اقتضى الأمر ذلك، لتأديب أكثر من نصف اللبنانيين؟؟.. وهل تراجع عن رفضه محاكمة الذين اغتالوا رفيق الحريري ورفاقه وحماية المتهمين بالقتل ومحاولات القتل في مربعه الأمني؟؟ وهل الحزب بحاجة لمن يجرّه الى الأزمة السورية وهو الغارق حتى أذنيه في قتال وذبح الشعب السوري.. باعترافه واعتراف الكاتب نفسه؟؟!!..

واخيرا، لا بد من التطرق الى الأزمات الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية نتيجة السياسات التي اعتمدتها هذه الحكومة والحكومات السابقة.. وهل تجويع وقهر وإذلال الشعب اللبناني يأتي ضمن سياسة مدروسة لدعم وتسهيل “الجهاد” في لبنان، وهل الحماسة اللافتة بتأييد سلسلة الرتب والرواتب بصرف النظر عن الأعباء الإقتصادية، التي حذّر منها وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي، تأتي ضمن دراسة “جهادية” محسوبة..

وهنا نتذكر كلام السيد حسن نصرالله لـ(النهار) في 27 كانون الثاني 1986 حيث يقول: “يجب أن نعمل عل إنضاج الممارسة للحالة الجهادية، فعندما يصبح في لبنان مليونا

جائع، فإن تكليفنا لا يكون بتأمين الخبز، بل بتوفير الحالة الجهادية حتى تحمل السيف في وجه كل القيادات السياسية”.

اللهم إحم لبنان واللبنانيين من الجهاد ومن اقلام الجهاديين!!..