“القومجية”.. جعلتنا نصفّق لـ”الملكية”

د.صلاح ابو الحسن

غريبة هي “بهلوانية” بعض الكتبة.. نعترف انهم “شطّار” في السباحة عكس التيار.. ولكنهم غالبا ما يغرقون في بحر الاحقاد.. ويُغمضون أعينهم عن الحقيقة ويتباهون بدعم الظالمين..

من وجهة نظر هؤلاء، فإن المقامر بشعبه وأرضه وتاريخ بلده وحضارته يستحق الدعم والمناصرة.. فيما الحريص على شعبه وأهله سليل عائلة “عميلة” وفاسدة..

بشاعة مشهد حرق الطيار الأردني الشهيد معاذ الكساسبة.. لا يقل بشاعة عن مشاهد قتل الناس بالكيماوي والبراميل المتفجرة والمدافع والصواريخ الروسية.. ولا يقلون بشاعة عن هؤلاء القتلة والمجرمين..

الفارق بين الحرق والكيماوي.. ان قرار الحرق بالنار يأتي من جماعة ضالة متوحشة.. يخجل أيا كان عن دعمها ومناصرتها كونها لا تمت إلى الإسلام بصلة ولا إلى الإنسانية بقرابة.. أما قرار الإبادة بالكيماوي والبراميل، فيأتي من وحش كاسر يتشدق بالديمقراطية والحداثة.. وكثيرون هم الذين لا يخجلون من دعمه..

لم نسمع في تاريخنا الحديث، على الاقل، أن ملكا أنهى حياة مئات الآلاف من شعبه بالكيماوي والبراميل والاسيد!!.. بل سمعنا الكثير عن بشاعة الأنظمة “الديمقراطية” و”الممانعة” في التاريخ القديم والحديث..

سمعنا ورأينا كيف يمارسون السحل والتصفية.. حتى لرفاقهم ضمن الحزب الواحد.. كانوا دائما كالذئاب الكاسرة لا  يجرؤ أحدهم التقدم عن الآخر خوفا من طعنة تأتيه من الخلف..

فقط، في مثل هذه الأنظمة.. يصفّي الرفيق رفيقه ليعتلي كرسي الحكم.. الكرسي أهم من الحزب والرفاق.. والنظام أهم من الأرض والوطن والشعب.. لا نتكهن ولا نفتري.. هذا ما حصل من وقت ليس ببعيد.. والتاريخ الحديث يشهد..

لن ندافع عن الأنظمة الملكية بالمطلق.. لكن حتى النظام القبلي، له أعرافه ودستوره غير المكتوب.. وفي الغابة أيضا أصول وأعراف بين قاطنيها على إختلافهم!!..

فقط في الأنظمة الديكتاتورية والقومجية الأعراف والدساتير والقوانين تنصها وتضعها وتنفذها “مخابرات” السلطة الحاكمة بأمرها!!..

الأنظمة الملكية.. تعالج الكثير من الأمور بالشورى.. فيما بعض الأنظمة “الوحدوية والتقدمية والإشتراكية” تعالج شؤون شعوبها بالسجون والسحل والقتل والقهر..

المخابرات في الأنظمة الملكية ناشطة من أجل حماية مملكتها ورعاياها… فيما مخابرات الأنظمة “القومجية” “الممانعة” ناشطة ضد حريات شعبها وكرامته..

مثل هذه الأنظمة “القومجية”.. جعلتنا نصفّق للأنظمة الملكية.. ولحكمة ملوكها وأمرائها.. فيما الشعب المظلوم والمقهور في مثل هذه الانظمة، يموت كل يوم ميتة الشهيد معاذ الكساسبة إما بالبراميل أو بالكيماوي أو في أقبية سجون المخابرات..

ليقول لنا أحد من المدافعين عن نظام “البراميل” ما هو الفارق بين قفص “داعش” وقفص “عدرا” أو قفص “فرع فلسطين”؟؟!!..

وهل من فارق بين السير خلف جنازات ضحايا “داعش” أو خلف جنارات البراميل المتفجرة فوق رؤوس المدنيين؟؟!!..

وهل من فارق بين همجيية داعش وكل الإرهابيين وهمجية البراميل والكيماوي؟؟ أليست كل الهمجيات واحدة.. وإن كانت همجية ذوي القربى أشدّ وأقسى!!..

مصيبة كبيرة أن يكون مقياس الوطنية – في ذهن البعض – مدى الإلتزام والتأييد والمناصرة والمحاباة للأنظمة القاتلة والمبيدة لشعويها..

للأسف، الحليف للكيماوي والبراميل هو عنوان الوطنية والعروبة والتقدمية.. أما الحليف للحرية والديمقراطية فهو عميل وجاسوس ومرتهن.. والمناهض لأنظمة البراميل.. والكيماوي ولسجون مخابرات النظام، هو عميل لإسرائيل والغرب ولـ”الإمبريالية والاستعمار”..

ما الفرق بين دولة “داعش” ودولة “البراميل”؟؟ لا شيء الا الإسم.. دورهما واحد.. والأول مكمّل للآخر..

إدعاء الخوف على تدمير سوريا.. يأتي متاخراً خمس عشرة سنة وليس أربع سنوات فقط!!.. لم يُبق صاحب دولة “البراميل” شيئا من تاريخ وطنه وحضارته.. ليدمرها “داعش”.. وغير داعش.. وسوريا للأسف لم تكن بحاجة إلى “غريب متآمر” ليدمرها.. فصاحب دولة “البراميل” قام بالواجب.. و”حبة مسك”.. حتى سوريا “الحديثة” التي بناها “الأب” دمّرها الإبن”..

أما الحديث عن التآمر على فلسطين وشعبها.. فإنه بات “نكتة” قديمة وسمجة وممجوجة..  وبات “مادة” منتهية الصلاحية.. فلم يسبق نظام “البراميل” أحد، عندما بدأ بشرذمة الثورة الفلسطينية إلى فصائل وأجنحة متناحرة.. بغطاء أميركي وإسرائيلي وعربي.. “ممانع” لأي إعتداء على إسرائيل من جبهة الجولان التي بقيت هادئة على مدى أربعين سنة.. وكل يوم يوجه النظام رسالة تطمين لإسرائيل.. بأن إبعاده عن “الجبهة” يشكل خطرا عليها..

إن دعم المجموعات الإرهابية مدان بكل المقاييس من أية جهة أتى.. ولكن داعمي إرهاب دولة “البراميل والكيماوي” من روسيا إلى إيران ومجموعاتها.. مدانون بكل المقاييس أيضا وأكثر.. كون هذه الدولة التي يدعمونها هي المنتج “الحصري” لكل هذا الارهاب وفنونه..

ماذا تفعل أميركا وأوروبا وما يسمى “اصدقاء الشعب السوري” غير الكلام والمراوغة والتردد والصفقات تحت الطاولة وفوقها.. وماذا فعلت دول الخليج والدول الإسلامية والجامعة العربية و.. غير البيانات والادانات والاستنكارات وبعض فتات المساعدات الإنسانية؟؟!!

فيما كانت الدول الداعمة لكذبة “الممانعة” تمدّ النظام بشحنات المال والسلاح والبراميل والخبراء والفيالق و.. فيما يدين الآخرون كل من يدعم الجيش الحر ويدرب المعارضة المعتدلة..

الأغرب أن البعض لا يزال يسمّي دولة “البراميل” دولة “ممانعة”.. والسؤال هو: هل كانت يوما ممانعة لغير شعبها وتاريخها وأرضها؟؟!!