عندما يدين نتنياهو والاسد جريمة “شارلي إيبدو”

د.صلاح ابو الحسن

حتى لا يُفهم الامر خطأ.. وحتى لا يُفسّر الكلام على غير محمله وحقيقته، فإن الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مجلة “شارلي إيبدو” الفرنسية “الساخرة” مُدان ولا يجوز تبريره..

الادانة والإستنكار اقل ما يقال في هذه الجريمة، شرط ان تصدر عن دول وهيئات واحزاب ومنظمات وقوى سياسية منسجمة مع تاريخها.. لا تمارس الارهاب والقتل والسحل والتنكيل والابادة سواء في دولها او مجتمعاتها او في دول اخرى..

والا تكون سجون التعذيب فيها.. أضعافا مضاعفة قياسا بمدارسها وجامعاتها.. والا يكون عدد مساجين الرأي الآخر “المختلف” يفوق عدد التلامذة والطلاب فيها..
والا يتساوى عدد “المخبرين” فيها مع عدد الاميين.. والا يزيد عدد مراكز “المخابرات” عن عدد مشافيها.. ومراكزها الصحية..

النظام السوري أصدر بيانا أدان فيه جريمة “شارلي إيبدو” الفرنسية.. وليته لم يفعل.. البيان السوري يقول حرفيا: “حذرت سورية مرات من أخطار دعم الإرهاب، الذي استهدف سورية والمنطقة، ونبهت إلى انه سيرتد على داعميه”..

الادانة جاءت تأييدا للارهاب.. عندما يقول: ان فرنسا جنت على نفسها فهي مصدّرة الارهاب.. والإرهاب في سوريا سوف يرتد على داعميه!!..

هل النظام السوري يدين مجزرة “شارلي إيبدو”.. ام يُدين فرنسا التي صدّرت الارهاب الى سوريا؟؟ ويؤيد “داعش” لانها ثأرت للنظام السوري؟؟..

assad-natanyahoo

هلاّ خجل النظام السوري من الحديث عن تصدير الارهاب؟؟ وهلاّ يخجل من نفسه عندما يتهم الغير بما هو فيه؟؟ في حين ان الارهاب هو “ماركة مسجّلة” لهذا النظام!!.. هو مصنّعه ومنتجه ومحتضنه ومصدّره.. منذ نصف قرن.. انه درج على بيع “بضاعة” محاربة منتجه مقابل حماية النظام..

يبدو ان النظام السوري، “الحريص” على حرية الرأي وعلى الحريات السياسية وعلى ديمقراطية الحزب الواحد.. نسي اغتيال السياسيين وقادة الرأي من الصحافيين والمفكرين واعتقتال وتعذيب المعارضين في سجونه.. وسحب حناجر الفنانين.. وهل نذكّره باسئصال حنجرة الفنان إبراهيم قاشوش أو بقطع اصابع الرسام علي فرزات.. وبطريقة قتل الطفل حمزة الخطيب؟؟.. وحدها العاهرة تحتفل وتتباهى بالعفّة!!..

وهل نذكره باغتيال كمال جنبلاط والمفتي حسن خالد ورياض طه وسليم اللوزي، ورفيق الحريري وسمير قصير وجبران تويني و..؟؟

وهل نذكّر بشار الاسد بتهجير نصف الشعب السوري وتدمير ثلثي سوريا وقتل اكثر من مائتي الف من مواطنيه واعتقال مئات الآلاف.. وتصدير الارهابيين الى لبنان والعراق و..؟؟!!…

اما نظيره بنيامين نتنياهو الذي رأى في مجزرة “شارلي إيبدو”.. فرصة للثأر من فرنسا بعد تصويتها في مجلس الأمن لصالح الشعب الفلسطيني، تأييداً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.. وطبعا دان ارهاب محمود عباس وحركة “حماس” والارهاب الفلسطيني.. فهل نذكّره بعنصرية وارهاب اسرائيل من دير ياسين الى بحر البقر الى غزة والى مخيمي صبرا وشاتيلا وصولا الى مجزرة قانا.. دون ان ننسى اغتيال ياسر عرفات؟؟..

أما ايران التي تطالب فرنسا والدول الاوروبية بمراجعة سياستها في الشرق الأوسط.. والتي تدين التطرف والارهاب “الداعشي”.. فانها تتناسى ارهاب وقتل المتظاهرين الايرانيين المعارضين.. وهل علينا التذكير بقتل الناشطة الشابة ندا آغا سلطان من قبل مليشيات “الباسيج” أثناء الاحتجاجات التي تلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، وهل نذكّر بفتوى الامام الخميني بهدر دم سلمان رشدي، صاحب كتاب “آيات شيطانية”؟؟..

وهل نذكّر ايران وروسيا بدعمهما لنظام القتل والاستبداد في سوريا؟؟ وهل ينسى الشعب السوري دور فيلق القدس والميليشيات التابعة لايران.. في حماية النظام الاسدي الديكتاتوري؟؟ وهل ينسى البراميل الروسية المتفجرة فوق رؤوس اطفال سوريا؟؟

وهل ينسى الشعب السوري تمثال الحرية في واشنطن والمبادىء الديمقراطية الاميركية التي خذلت ثورة الشعب السوري؟؟ وباعت الشعب السوري من اجل تسجيل اوباما انتصارا “نوويا”؟؟

ان انجازات الارهاب “الداعشي” من خلال جريمة “شارلي إيبدو” الفرنسية، فتح الباب على مصراعيه في اوروبا واميركا وكل الغرب على تبرير العنصرية وتنامي الاحقاد..
نعم، ما حدث في فرنسا هو بمفهوم “داعش” انتصار على الحريات.. لكنه بالحقيقة هزيمة للمسلمين في الغرب..

العرب بشكل عام “شطّار” بتسجيل الانتصارات “الوهمية”.. وملعونة اللغة العربية التي تساعد على هذه “الشطارة”.. على غرار نظرية “خسرنا الارض ولكننا ربحنا النظام”.. او دمرنا تاريخ سوريا وقتلنا شعبها.. وانتصر النظام.. او نظرية “الممانعة” وحمينا حدود اسرائيل اربعين سنة.. او التحذير من ان سقوط النظام السوري سيعرّض اسرائيل للخطر.. او نظرية استدرجنا الارهاب الى لبنان ولكننا حمينا النظام البعثي.. من السقوط.. او قمنا بحرب “استباقية” ولو أدّى ذلك الى تدمير لبنان.. وكلها “انتصارات” عربية وهمية.. والمستند لكل ذلك: ان لا قيمة للانسان العربي!!.. لا قيمة تعلو قيمة النظام او السلطة.. الانسان العربي رقم وبورصة الارقام تعلو وتهبط..
شطارة الانظمة العربية، تأتي في مقدمة العوامل التي انتجت الارهاب..

والسؤال هو: هل جريمة “شارلي إيبدو”.. كانت ضدّ فرنسا والغرب، او لترهيب وترعيب ملايين المسلمين في فرنسا ودول الغرب الذين طالما حلموا بالحصول على جنسية فرنسية او اميركية.. لتأمين مستقبل اولادهم في التعليم والعمل والضمانات الاجتماعية.. التي افتقدوها في وطنهم الام؟؟ وهربا من ديكتاتوريات انظمتهم وفسادها؟؟..
ما فعلته “داعش” انها رمت حجرا في البئر التي تشرب منها!!…

نعم لقد “جنت على نفسها براقش”.. وعلى كل المسلمين في الغرب..