القاسم المشترك بين حزب الله وجبهة النصرة: الجهاد

د.صلاح ابو الحسن

ان يعتبر بشار الأسد انه يُفترض بجامعة الدول العربية ان تمثل الأنظمة لا الشعب.. فهذا قمة الإسفاف في القيادة وفي السياسة.. والمعروف ان ادعاء “الذكاء” المفرط عند بعض القادة العرب يتمخض في غالب الأحيان سفاهة.. ويقول احد الشعراء العرب “ورجل لا يدري ولا ‏يدري انه لا يدري..‏ فذلك أحمق فاجتنبوه”..

طائرة ودبابة وصاروخ النظام السوري شرعية وهي ورود وأزهار يرشق بها “القائد” شعبه.. أما المظاهرات السلمية ثم البندقية والسلاح الخفيف، في أيدي المعارضة فهي جريمة ضدّ الإنسانية.. فهل كان حمزة الخطيب أصوليا في “القاعدة”؟؟

دعم النظام بالأسلحة والطائرات من روسيا واجب أممي ودولي.. وملاحقة طائرات الـ”ميغ 23″ للأطفال والنساء والمدنيين السوريين في الملاجئ ووراء الخنادق بطولة.. فيما دعم اوروبا للمعارضة السورية وللشعب السوري مؤامرة امبريالية وكونية، ضدّ النظام القمعي – الإستخباراتي.. ونحن والشعب السوري ومعنا الروس لا نذكر متى أغارت طائرات الـ”ميغ 23″ على اسرائيل!!..

دعم ايران للنظام السوري بالمال والعتاد والحرس الثوري الإيراني هو دعم للممانعة ضد الكيان الصهيوني، وهو النظام الذي حمى اسرائيل على جبهة الجولان على مدى أربعة عقود.. فيما مساندة الدول العربية لمقاتلي المعارضة وللشعب السوري استفزاز وخيانة..

اما قول حسين طائب رئيس دائرة استخبارات “الحرس الثوري” الإيراني إن على إيران مسؤولية “دعم حكومة الرئيس بشار الأسد وعدم السماح بكسر خط المقاومة”.. لا يستوجب التعليق..

دعم حزب الله النظام السوري في ريف دمشق وفي حمص بالمقاتلين “جهاد” مقدس وواجب ديني الهي.. فيما مقاتلي جبهة النصرة والاخوان المسلمين “كفرة”..
دفاع حزب الله عن الشيعة في سوريا وعن مقام السيدة زينب في دمشق “حق وواجب مقدّس” فيما احتضان السوريين الهاربين من بطش النظام من عرسال الى وادي خالد هو غدر..
وماذا لو دافعت المذاهب المسيحية والإسلامية الأخرى في لبنان، كل عن مذهبه وعشيرته على الحدود السورية – اللبنانية من الجولان الى حمص؟..

دعم النظام السوري لفتح الإسلام في نهر البارد وتصدير الإسلاميين المتطرفين من سوريا الى العراق هو تأكيد لشعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”.. فيما مساندة بعض الإسلاميين من لبنان للثورة السورية خرق فاضح لسياسة النأي بالنفس”..

استعمال السلاح الكيميائي في حرب النظام السوري على شعبه والتي أكدته المختبرات الأجنبية، ومنع مفتشي الأمم المتحدة من التحقيق وبقاء المحققين في قبرص بانتظار موافقة النظام.. يحمي السيادة ويحقق العدالة.. فيما المطالبة بتحقيق ميداني هو خرق للسيادة الوطنية..

استعمال روسيا “الفيتو” في مجلس الأمن وتزويد النظام بالأسلحة، يهدف الى حق تقرير المصير للشعب السوري المظلوم والمقهور.. فيما فرض العقوبات من قبل الإتحاد الأوروبي على النظام تدخل خرق للسيادة الوطنية.

خشية اميركا واوروبا من وصول الأسلحة الى أيدي الإسلاميين المتطرفين أمر فيه نظر.. أما وصول الأسلحة والمال من ايران وروسيا الى “شبيحة” النظام وانتشار مجموعات حزب الله والحرس الثوري الإيراني في دمشق وريفها فهو أمر مشروع..

كلام قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” قاسم سليماني بأن “حدود إيران تتجاوز جغرافيتها.. والنضال من أجل سورية، جزء لا يتجزأ من الحفاظ على الهلال الشيعي”… كلام قومي لا غبار عليه.. فيما دعم الخليج وخاصة السعودية وقطر للثوار واعطاء مقعد سوريا في الجامعة العربية للإتلاف الوطني السوري خيانة، وكبيرة الكبائر وتدخل في الشؤون السورية..

يقول الكاتب سمير عطالله: “سوريا آخر معارك العروبة.. ولا عروبة من دون دمشق.. وترى العروبة نفسها في حماية إيران وحراسة روسيا”..

قارب عدد الضحايا في سوريا منذ انتفاضة أطفال درعا قبل سنتين المائة ألف قتيل فيما نسمع وزير “المصالحة الوطنية” السوري ان ما يجري في سوريا لا يتعدّى كونه “سوء تفاهم بين الشعب والحكومة”.. فاذا كان سوء التفاهم يكلف سوريا هذا الكم من الضحايا والدمار والقتل واكثر من ثلاثة ملايين من النازحين.. فما هي اذا كلفة الثورة..

امام هذه المشاهد المأساوية هل يصدّق الأسد نفسه عندما يقول: “القوات المسلحة عندما تخوض معارك داخل المدن عليها أن تأخذ بالاعتبار شيئين.. أولاً الحرص على الأرواح وثانياً الحرص على الممتلكات”.. “كثّر الله خيره”.. ومن يبقى حيا من الشعب السوري لن ينسى له “كرم الجميل.. ولكن هل يصدق ان الشعب يصدّقه، بعد ان اصبح نصف الشعب السوري دون مأوى وأكثر من نصف سوريا مدمر؟.. فيما لا يزال سيرغي لافروف يعتبر انه “من السذاجة أو الاستفزاز أن تطلب الدول العربية والغربية من الرئيس بشار الأسد وقف إطلاق النار”.

نعم، لقد كان للعروبة مع ميشال عفلق مع انطلاقة حزب البعث، ومع سلطان الأطرش وادونيس وميشال كيلو وابراهيم هنانو نكهة خاصة ويومها كانت سوريا “الوحدة” موضع اعتزاز لكل العرب فهي حقا “قلب العروبة النابض”.. ولكن بعد ان تحوّل هذا الحزب الى رهينة في يد “العائلة”، بدأت هذه النكهة تتلاشى الى أن وصلت سوريا مع الأب والإبن الى سجن كبير لكل أصحاب الرأي والفكر.. نخبة البعثيين الأوائل صارت في السجن أو القبر أو في المنفى.. ونخبة الوطنيين اللبنانيين في القبر.. وبات حكم البعث الأسدي حرس حدود لإسرائيل في مرتفعات الجولان..

وحوّل نظام البعث الأسدي، شعار “قلب العروبة النابض.. والأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة”.. الى دولة عصابات مخابراتية تلعب على وتر الأقليات المذهبية في لبنان وسوريا وصولا الى العراق.. وامتهن اغتيال قادة الفكر والرأي والسياسة وكان للبعثيين الحصة الأكبر.

وصولا الى اغتيال كمال جنبلاط الذي رفض السجن الكبير، ورفيق الحريري الذي رفض الظلم والهيمنة على لبنان، وأصرار الحريري على تطبيق اتفاق الطائف جعل النظام السوري يصنفه عدوا يستحق أكثر من طن من المتفجرات.

وفيما يعلن أصحاب الشأن وأنقى وأشرف واصدق الناس علانية، رفض تسليم المتهمين للمحكمة الدولية.. ورفض تسليم من حاوا اغتيال بطرس حرب، فانهم لا يخجلون من مطالبة الجيش اللبناني بسوق المطلوبين في عرسال الى العدالة.. ويتناسون المطلوبين في الإعتداءات التي تعرّض لها ضباط وعناصر من الجيش اللبناني في مناطق نفوذهم..

كشف شبكة سماحة – المملوك إهانة للعلاقات “الأخوية”، كان ثمنها اغتيال أكبر وأهم وأوفى القادة الأمنيين اللواء وسام الحسن.. الذي كشف عشرات الشبكات الإسرائيلية واعتقل عملاء اسرائيل.. وحمى المقاومة..

أحد جهابذة الصحافة اللبنانية، لم يتوان عن سؤال وسام الحسن قبل أيام من اغتياله: “من هو الذي أقنعك بخرق دولة شقيقة هي سوريا مجروحة حاليا.. وهل مهمة عميد في قوى الامن الداخلي خرق دولة عربية مثل سوريا من دون سبب موجب؟”.. كذا.. وكأن مخطط سماحة – المملوك كان يهدف الى توزيع الحلوى في الإفطارات الرمضانية..
نعم، السفاهة والإسفاف لا دواء لهما!!..

جبهة النصرة لا تتقبلها المعارضة السورية ولا الشعب السوري، وكل فصائل الثورة السورية اعلنوا رفضهم لالتزام الجبهة بـ”القاعدة” حتى “الاخوان المسلمون” تبرأوا منها..
لكن الغريب واللافت ان “جبهة النصرة” وهي فصيل من فصائل “القاعدة” هدفها قتال اسرائيل.. وكذلك حزب الله الذي هو فصيل من فصائل “الحرس الثوري الإيراني” في رأس اولوياته، إزالة اسرائيل من الوجود!!

اسرائيل والشيطان الأكبر عدوان مشتركان لحزب الله وكذلك للنصرة.

فهل هناك من قاسم مشترك بين حزب الله والحرس الثوري في سوريا، وبين إعلان “البيعة” بين “جبهة النصرة” وأيمن الظواهري زعيم القاعدة؟!!..

لا شك ان هذه “البيعة” في هذا التوقيت بالذات هي موضع شك واشتباه وارتياب.. خاصة ان المستفيد الأول والأخير هو بشار الأسد ونظامه..

ولماذا جاءت هذه “البيعة” المشبوهة في التوقيت، مع انخراط حزب الله بشكل علني في الأزمة السورية الى جانب النظام..

وهل علينا العودة الى التساؤل عن اسباب احتضان ايران لعائلة وجماعة اسامة بن لادن ابان الإحتلال الأميركي للعراق؟؟!!

ما هو القاسم المشترك بين “حزب الله” و”جبهة النصرة”؟؟ الجواب والخبر اليقين هو عند قيادة حزب الله وايران فقط..