رياح التغيير تضرب الخليج

جورج علم (الجمهورية)

عاد التجاذب السعودي ـ القطري بقوة الى الساحة اللبنانية، إنها مهيّأة كغيرها من الساحات المماثلة القابلة لاحتضان معارك إثبات الدور والحضور والنفوذ بين الدولتين الخليجيتين اللدودتين.

يتأثر لبنان بالأمر الملكي الخاص بالتصنيفات الأرهابيّة، وبدأت الجماعات ذات الصلة سلسلة من الاجتماعات للتأكد من مدى انعكاساته على مصيرها ومستقبلها. كذلك يتأثر لبنان بالنجاح الذي حققته الوساطة القطريّة في الإفراج عن راهبات معلولا، وأوردت تقارير أمنية معلومات عن محاولات بدأت في صفوف عدد من التنظيمات المسلحة لنقل البندقيّة من كتف الى أخرى. ّ

يمكن القول إنّ مراقبة يقظة بدأت تتولّاها الأجهزة المختصة، وتشمل المناطق التي تشكّل بيئة حاضنة لهذه المجموعات بهدف الإطلاع على جديدها، وضبط إيقاعاتها وتحركاتها، ومعرفة مدى تأثرها سلباً او إيجاباً بالمناخ الخليجي الجديد.

على المستوى الديبلوماسي هناك مَن يجزم بوجود تحوّل جدّي في المشهد الخليجي، يشرف عليه المهندس الأميركي القادر، والمهيمن، والمطلع على كل شاردة وواردة، والمتخصص بطباع الخليجيّين، وعاداتهم، وتقاليدهم، وخصوصياتهم.

وإن ما جرى بين السعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى، لم يفاجىء الإدارة الأميركيّة، وربما تمّ بإيعاز منها لتحقيق سلسلة من الأهداف، أبرزها:

أولاً، القضاء نهائيّاً على فكرة الإتحاد الخليجي، وهو الاقتراح الذي كان قد تقدم به الملك عبدالله بن عبد العزيز.

ثانياً، العمل على تطبيع العلاقات الإيرانية ـ الخليجيّة بإشراف الولايات المتحدة، ودعوة الرياض لتطرية مواقفها المتشددة من طهران.

ثالثاً، البدء بتنفيذ القرار الذي اتخذته الإدارة الأميركيّة بالتنسيق والتعاون مع الاتحاد الأوروبي، والقاضي بمواجهة الإرهاب الذي يضرب في لبنان وعدد من دول المنطقة، وذلك من طريق تجفيف منابع تمويله ودعمه.

رابعاً، عزم الولايات المتحدة على التنوّع في الخليج. سلطنة عمان كانت السبّاقة في فَرض تمايز عن سائر دول مجلس التعاون، الآن جاء دور قطر، ومَن يشرف على هذه العمليّة الجنرال الأميركي في قاعدة العديد في قطر.

في هذه الأثناء، تنصرف القيادة السعوديّة الى الإمساك بالساحة الداخلية أمنيّاً من خلال: انكفاء الأمير بندر بن سلطان عن شاشة الحدث. وصدور الأمر الملكي الأوّل المتصِل بالسعوديّين الذين يحملون السلاح، والمنخرطين في القتال داخل سوريا، او على علاقة بمنظمات إرهابيّة تكفيريّة.

والأمر الملكي الثاني الذي صَنّفَ بعض الفصائل والمجموعات المسلحة بالإرهابيّة. وتوَلّي المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير مقرن بن عبد العزيز، مسؤوليات رفيعة كان آخرها ترؤسه جلسة مجلس الوزراء.

ويستنتج ممّا تقدم أن العاصفة في الخليج ما بدأت لتنتهي بحفلة تبويس اللحى، بل إنّ وراء الأكمة ما وراءها من أهداف لا بدّ من أن تأخذ طريقها الى الضوء، أوّلها أن الوسيط الفعلي هو السلطان قابوس بن سعيد الذي يملك بين يديه ورقة عمل أميركيّة ـ إيرانيّة يعمل على تسويقها، خصوصاً لدى القيادة السعوديّة لكي تبقى واشنطن في الظلّ، وفي منأى عن أيّ محاسبة او معاتبة.

وثاني هذه الأهداف المباشرة بفَكفكة العقد الإيرانيّة ـ الخليجيّة المستحكمة ببعض مفاصل الأزمة السوريّة. أما ثالث هذه الأهداف فهو إعادة توزيع الأدوار في ضوء ما يرتّب لسوريا، وللفلسطينيين، وللأزمة الرئاسيّة اللبنانية من مخارج؟!