مكافحة الإرهاب… والقرار ٢١٣٩

جورج علم (الجمهورية)

صدر عن مجلس الأمن الدولي القرار الرقم 2139 القاضي بإدخال المساعدات الإنسانيّة الى سوريا، ورحّبت به الأطراف، كلّ وفق شروطه. وأعلنت دمشق استعدادها للتعاون إنطلاقاً من أنّ «معالجة الأزمة الإنسانية تستوجب معالجة جذورها، وأبرزها مواجهة الإرهاب، ورفع العقوبات المفروضة عليها»

قبل أن يجفّ حبر القرار، قرّرت باكستان، واستناداً الى اتفاق مع السعوديّة، تزويد مقاتلي المعارضة أسلحة مضادة للطائرات والدروع بما يسمح بقلب التوازنات على أرض المعركة. وكانت الولايات المتحدة الأميركية ترفض في السابق تقديم هذا النوع من الأسلحة خشية وقوعها في أيدي الفصائل المتطرّفة، إلّا أنّ فشل محادثات جنيف شجّع الأميركيّين على تغيير موقفهم.

كيف يمكن التوفيق بين الممرات الآمنة والمساعدات الإنسانية، وبين تزويد المعارضة صواريخ مضادة للطيران، وأخرى للدروع؟ أحجية في رسم الولايات المتحدة الأميركية التي تعرف ما تريد، وما تخطّطه لسوريا وعدد من دول المنطقة. روسيا ليست معزولة، ومتابعتها الحثيثة لتطورات الأوضاع في أوكرانيا لا تُثنيها عن متابعة المستجدات في سوريا.

رئيس الأركان الباكستاني، الجنرال راحيل شريف، زارَ مطلع هذا الشهر السعوديّة، والتقى وليّ العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز. بدوره، الأمير سلمان زار على رأس وفد رفيع باكستان أخيراً، وكان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل قد زارها أيضاً قبيل وصول وليّ العهد السعودي اليها.

ويؤكد مقاتلو المعارضة أنّ حصولهم على هذه الأسلحة يسمح لهم بقلب ميزان القوى لمصلحتهم، فكيف السبيل الى تنفيذ القرار 2139، وإدخال المساعدات الإنسانية وإيصالها الى مستحقّيها؟ الجواب في الميدان، وتطوّر المعارك يحدد الخيارات.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعرف تماماً ماذا يريد، المواجهة في كييف تقود حتماً الى المواجهة في دمشق، ويرفض أن يعطي الأميركيين في سوريا مقابل التسليم بنفوذه في أوكرانيا. دمشق أصبحت مَربط خَيله، وإذا فرضت المستجدات تغييراً في التكتيك او الأسلوب، فإنه حاضر لرَصد تقلّبات الريح والتعاطى معها في ضوء مصالحه.

حجّته أنه تفاهم مع الأميركيين على مكافحة الإرهاب، ورحّب بالقرار 2139 على أساس أنه المدخل لخطة دوليّة إقليميّة متكاملة تقضي بسَحب جميع المسلحين الغرباء من سوريا ومن كل الجنسيات، وصولاً الى إيران و»حزب الله»، لكن عندما قرَّر التحالف الأميركي ـ السعودي ـ الباكستاني تسليح المعارضة، ذكّرهم بأنّ أسطوله جاثِم في مياه طرطوس واللاذقيّة؟!

تحاول حكومة «المصلحة الوطنيّة» في لبنان التصدّي للإرهاب، هناك إجماع على إدراجه بنداً رئيساً في البيان الوزاري، لكن هذا لا يكفي، ولا بدّ من استراتيجيّة واضحة حتى لا يبقى حبراً على ورق، من معالمها: أولاً، الإنسحاب من سوريا وممارسة «النأي بالنفس» قولاً وفعلاً.

ثانياً، تأمين الغطاء السياسي ـ الوطني للجيش.

ثالثاً، الإسراع في تزويد الجيش التقنيات الحديثة والسلاح المتطور، خصوصاً انّ المكرمة الملكيّة السعودية جاهزة للتنفيذ.

رابعاً، القيام بحملة ديبلوماسيّة واسعة، والتحدث الى الدول الشقيقة والصديقة بصوت واحد، ومطالبتها بتوفير مجموعة ضغط تشلّ المخطط الإرهابي، وتدفع بالمنظمات المتشددة الى كَفّ شرّها عن لبنان.

وليكون هذا التصوّر فاعلاً وواعداً، يفترض أن يكون جزءاً لا يتجزّأ من الاستراتيجيّة الدوليّة الخاصة بمكافحة الإرهاب. لكن كيف السبيل إذا كانت الدوَل الكبرى متجهة الى مواجهة جديدة في سوريا وحولها، واحتمالات عودة الحرب الباردة ما بين الأميركيّين والروس على مسرح الشرق الأوسط المُلتهِب من المحيط حتى الخليج؟!