ماذا يعني ترشيح جعجع لعون إلى الرئاسة الأولى؟

بقلم سمير منصور

هل هي البراغماتية في السياسة حاضراً ومستقبلاً أم السير في الخيارات الأقل ضرراً أم ماذا؟

لعل المشهد السياسي يختصر القليل من كل ذلك!

من قال إن الإنتخابات الرئاسية في لبنان ستؤول في النهاية، أقله حتى الآن، الى مرشحين أساسيين من الفريق السياسي نفسه بدعم من طرفين أساسيين في الفريق الآخر نفسه؟ زعيم الكتلة الأكبر في مجلس النواب الرئيس سعد الحريري يعلن ترشيح وتأييد أحد أبرز أركان فريق 8 آذار النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، فيرد عليه أحد أبرز أركان فريق 14 آذار سمير جعجع بترشيح وتأييد المرشح الأبرز لفريق 8 آذار وتحديداً “حزب الله”، النائب ميشال عون!

لم يكن أحد يتوقع الوصول الى هذا المشهد الغريب العجيب المستهجن… ولكن في لبنان، كله يصبح طبيعياً وأكثر. أصبح أمراً واقعاً!

لم يكن سراً ان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، إذ خيّر بين عون وفرنجية، فإنه حكماً يختار عون. وليس سراً أنه كان يفضل استبعاد الإثنين، ولكن عندما يجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر، فسيكون من الطبيعي أن يسير في الخيار الأقل مرارة عليه. ومع ذلك بدا سمير جعجع الرابح المحلي الأكبر من المبادرة – التسوية التي أطلقها سعد الحريري والتي أحدثت دوياً في الساحة السياسية لا تزال أصداؤه تتردد حتى اليوم، وكسرت الجمود الذي كان طاغياً على الاستحقاق الرئاسي منذ وضعه في الأسر قبل أكثر من سنة ونصف، وقد أصبح جعجع فجأة وبدون مقدمات “بيضة القبان” في حسم الموقف من ترشيح فرنجية، اذ قرر المواجهة بالمرشح الأقل ضرراً عليه في الحسابات السياسية، وهو النائب عون، وأحدث دوياً يوازي الى حد ما ذاك الذي أحدثته مبادرة الحريري.

الحريري فرنجية

وهكذا تمكن جعجع من تحويل الهزيمة الى نصر، إذ انتزع المبادرة بترشيح عون ووضع الجميع أمام انتظار قراره والكلمة الفصل. وأكثر من ذلك فإنه، برؤيته وحساباته، تمكن من تسييل الخسارة ربحاً: ها هو يبدو عراب ترشيح عون للرئاسة، بعدما كان خصمه السياسي اللدود، بل عدوه في حربي “التحرير” و”الإلغاء”، وقد بنى عون الجزء الأساسي من زعامته السياسية المسيحية في مرحلة ما، على قاعدة “ليس حباً بعون بل كرهاً بجعجع”… وها هو يصبح بعد ترشيحه عون وفي حال وصوله الى الرئاسة، المرشح رقم 2 بعد “الجنرال”.

عون-جعجع

ويبقى السؤال: إذا أعلن جعجع ترشيح عون “رسمياً” – وهذا متوقع في وقت غير بعيد كما أعلن نائب رئيس “القوات” النائب جورج عدوان، كيف سيكون موقف “حزب الله” بين حليف عزيز عليه هو فرنجية، وآخر أساسي هو عون مدعوماً من الخصم السياسي اللدود للحزب سمير جعجع؟ كيف سيحسم أمره بين هذا وذاك ولمن ستكون الكلمة الفصل؟ هل من دور ايراني مرتقب يحكى عنه سراً وعلناً في المجالس السياسية؟ وإذا انحصرت المنافسة بين عون وفرنجية، لمن سيصوت نواب “حزب الله”؟ هل سيوزع أصواته بين الحليفين أم يعتمد مبدأ “ترك الحرية” لنوابه كما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه سيفعل في حال الوصول الى “معركة”؟

بري نصرالله

وثمة أسئلة بديهية كثيرة منها: ماذا سيقول عون لجمهوره في الشق المتعلق بـ”تاريخه” مع جعجع؟ وماذا سيقول جعجع لجمهوره عن الشق المتعلق بتحالفات مرشحه وتأييده المطلق لـ”حزب الله” في لبنان وسوريا وكل مكان؟

ماذا سيقول عون في زيارة “رد الزيارة” المتوقعة قريباً الى معقل جعجع في معراب؟

ثمة مخارج كثيرة في لبنان، ليس أقلها عفا الله عما مضى..!