هذا ما قاله الحريري لفرنجية وجعجع…

بقلم سمير منصور

“المبادرة تعثرت ولكنها لم تسقط ولا تزال مستمرة”، بتلك العبارات يختصر معنيون بالاستحقاق الرئاسي ترشيحاً واقتراعاً المبادرة- التسوية التي أطلقها زعيم كتلة “المستقبل” سعد الحريري “وهو ماضٍ بها حتى النهاية وصولاً الى انتخاب رئيس للجمهورية ووضع حد للشغور في موقع الرئاسة”، كما يؤكد هؤلاء، لافتين الى أن الرئيس الحريري يمارس دوره كناخب أساسي في هذا الاستحقاق من موقعه رئيساً لأكبر كتلة في مجلس النواب، وذلك في رد واضح على منتقدي مبادرته وبعضهم من منطلقات فئوية وطائفية!

ولعل “التسريبة” الأولى عن لقاء باريس بين الحريري ومرشح التسوية النائب سليمان فرنجية، والتي أحدثت عاصفة سياسية صدمت كثيرين، وبعض المبالغة في مقاربة تلك التسوية، ساهما في استفزاز بعض التكتلات ومنهم من تعمد المبالغة بهدف إحباط المبادرة، وهناك محاولات مستمرة في هذا السياق تعبر عنها الدعوات المتكررة للحريري، للعودة الى بيروت وإعلان ترشيح فرنجية “رسميا” بهدف التحريض على الإخراج،  ولا سيما من معارضي تأييد فرنجية للرئاسة، وفي طليعتهم “تكتل الاصلاح والتغيير” الذي يترأسه المرشح الآخر العماد ميشال عون.

نصرالله-عون

تجدر الاشارة الضرورية هنا الى أن كتلة “حرب الله” النيابية (الوفاء للمقاومة) لم تحسم أمرها نهائياً بتأييد عون، وقد جاء في بيانها الأخير أنها “مع العماد عون ما دام مستمراً في ترشيحه” وهذا الموقف نفسه لفرنجية، وفي الحالتين هناك “نعم… ولكن!”  والتي تعني أنه في حال عدم توافر الفرص لعون، فسليمان فرنجية هو الخيار الآخر. وفي فريق 8 آذار هناك دعوات تتصاعد لإلتقاط “فرصة قد لا تتكرر وهي تأييد مرشح من فريقنا السياسي للرئاسة”، ومن داخل كتلة عون نفسها، هناك من يؤيد ترشيح فرنجية ويقولها صراحة، وفي طليعة هؤلاء النائب إميل رحمة، ويحكى عن موقف مشابه للنائب نعمة الله ابي نصر، مع الإشارة الى أنه لم يعلن موقفا مباشراً يؤكد هذا التوجه.

الحريري فرنجية

وسط هذه الاجواء، تبقى المراوحة سيدة الموقف، وعامل الوقت، وإن لم يكن لصالح المبادرة- التسوية إذا طال، إلا أنه يشكل فرصة لإستيعاب تداعياتها مع البعض، وإبرزهم المرشح الآخر الأبرز  للرئاسة العماد عون.

وبدا واضحاً استمرار تلك المبادرة من خلال الاتصالين الهاتفين اللذين كانا قبل أيام بين الحريري وفرنجية، وبين الحريري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وفي المعلومات أنه في الاتصال مع فرنجية، كرر الحريري التزامه بمبادرة التسوية وقال لفرنجية: “أنا ملتزم ومستمر وسأعمل ما في وسعي لتذليل العقبات التي تعترض ملء الشغور الرئاسي”.

جعجع الحريري

وفي الاتصال مع جعجع الذي كان هو من بادر الى إجراء الاتصال بالحريري، فقد بقي كل على موقفه، وبعدما عرض الحريري الاسباب الموجبة التي دفعته الى دعم ترشيح فرنجية وتأييده، قال لجعجع: “التسوية تتطلب تضحية في مكان ما لإخراج البلد من دوامة الفراغ الرئاسي وانعكاساته الكارثية على المؤسسات الدستورية وعلى البلاد عموماً”.

ولئن يكن من الطبيعي أن تكون لجعجع استفسارات اجاب عنها الحريري، فقد كان منها سؤال جعجع للحريري: “ما الذي يضمن لنا عدم استمرار فرنجية طرفاً منحازاً الى فريق معين، مع كل مواقف هذا الفريق محلياً واقليمياً وتداعياتها؟”.

تبدو الكرة هنا مرة جديدة عند فرنجية الذي من الطبيعي ان ينشط ضمن حلفائه في “الخط” وخصوصاً “حزب الله”، ومن جهة أخرى عند الحزب نفسه إذ عليه أن يحسم أمره في الموقف النهائي من المرشحين عون وفرنجية” وان يحدد متى يتأكد من عدم توافر المعطيات لأحدهما!