يفتعلون المشكلة ويعرضون خدماتهم لحلها؟

بقلم سمير منصور

قد يبدو السؤال ساذجاً في مكان ما، ولكن من حق أي مواطن لبناني أن يطرحه وهو: لماذا هذا الشعور المفاجىء بالقلق والخوف وقد عم البلاد فور نشوب الأزمة بين إيران والسعودية بعد الإعلان عن تنفيذ أحكام الإعدام بالشيخ نمر باقر النمر ضمن قائمة من 47 شخصاً محكومين بالإعدام؟

لئن يكن من المكابرة تجاهل تداعيات حدث كهذا في لبنان وبعض دول المنطقة في ظل خريطة التحالفات والتأثيرات الإقليمية، فإن السؤال نفسه يمكن أن يُستتبع بآخر هو: لماذا لم يكن في عناوين الخطب والبيانات والتصريحات والردود عنوان مفاده السؤال: كيف السبيل الى منع تلك التداعيات؟!

نصرالله

كان لافتاً أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قد حرص في خطابه الأخير الذي أعقب الأزمة، على التحذير من إستغلالها مذهبياً إذ إتهم “آل سعود بقتل الشيخ الشهيد نمر النمر” قائلاً إن “هذا الموضوع لا يجوز وضعه في خانة أهل السنة والجماعة” منبهاً إلى أن “الذهاب إلى فتنة سنية – شيعية هو خدمة لقتلة الشيخ النمر” ومنوهاً بإدانة “مرجعيات سنية وعلماء سنة لهذا الإعدام” ومعتبراً أنهم بذلك “يساهمون في وأد الفتنة من خلال هذا الدور التاريخي والإسلامي العظيم”.

وكان لافتاً أيضاً أن زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري حرص في رده على خطاب السيد نصرالله على التنبيه من “عدم الإنجرار إلى سجالات مذهبية” داعياً “بعض قيادات الطائفة الشيعية في لبنان إلى التعاون في رفض العمل الجاري لتأجيج المشاعر وإثارة النفوس، وإلتزام الحكمة في حماية الإستقرار الذي  يجب أن يتقدم على كل الولاءات”.

الحريري

وهذان التأكيدان من نصرالله والحريري يفترض أن يصّبا في مكان واحد هو المضي في الحوار القائم بين “حزب الله” و”المستقبل” بمعزل عن النتائج المتوقعة منه في هذه الظروف، ولكن مجرد إستمراره يساهم في قطع الطريق على مشاريع الفتنة والتحريض الطائفي والمذهبي. وأفضل السبل للتمهيد لذلك الحوار المقرر إستئنافه الإثنين المقبل ينبغي أن يبدأ بالتهدئة ووقف التصعيد الإعلامي الذي بلغ ذروته في الأيام الماضية…

تجدر الإشارة هنا إلى أن مصادر مواكبة لهذا الحوار أكدت أنها لا تتوقع أن يؤدي إعدام الشيخ النمر إلى وقفه على قاعدة أن طرفيه إتفقا منذ إنطلاقته على فصله عن أي تطور خارجي أو إقليمي، ولكن تلك المصادر تخوفت في الوقت نفسه من تأثير تداعيات التطورات الأخيرة على مدى إنتاجيته.

ولعل أكثر التداعيات تأثيراً ستكون على “التسوية الرئاسية” التي وضعت النائب سليمان فرنجية في الصف الأول للمرشحين لرئاسة الجمهورية وأوفرهم حظاً، وكانت في إنتظار موقف إيراني حاسم حيالها، وفي أحسن الحالات، فإن ما حصل أخيراً وضع تلك التسوية في ثلاجة الإنتظار “لعل وعسى” ينجح “سعاة الخير” الذين سارعوا إلى دعوة طرفي الخلاف السعودي- الإيراني إلى ضبط النفس وتسوية الأمور بالتي هي أحسن، وفي طليعتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي أجرى إتصالين بكل من وزيري الخارجية السعودي والإيراني داعياً إلى التهدئة وعدم التصعيد، وذلك في موازاة بيان للناطق بإسم البيت الأبيض حث السعودية وإيران على التحلي بضبط النفس محذراً من أن “النزاع بين طهران والرياض سيزيد من صعوبة دفع الأطراف المتحاربة في سوريا لإيجاد حل سياسي”.

وفي الوقت نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الروسية إستعداد موسكو “لدعم حوار بين البلدين” وأعربت عن قلقها الشديد من الأزمة التي إندلعت بينهما، داعية إلى سلوك طريق الحوار… وكل ذلك تزامناً مع تحرك للمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا باتجاه الرياض ومنها إلى طهران.

هل يصح القول أمام هذا المشهد أنهم يفتعلون المشكلة ثم يعرضون خدماتهم لحلها؟

سؤال غير بريء!