سنة الإحراج والحسم؟

بقلم سمير منصور

تبدأ السنة الجديدة مثقلة بجدول أعمال كبير ليس أقله الإستحقاق الرئاسي، بل سيكون هذا الإستحقاق في طليعة البنود الضاغطة على الجميع دون استثناء، ولم يعد هناك مبرر للتأجيل على الإطلاق، ومن الأساس لم يكن هناك أي مبرر لعدم انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في شهر أيار من العام 2014. مضى أكثر من سنة ونصف على الشغور الرئاسي وليس هناك بين المقاطعين ومعطلي جلسات الإنتخاب من يجرؤ على الكشف عن الأسباب الحقيقة الكامنة وراء هذا التعطيل الذي تتولاه نظرياً كتلتان نيابيتان في فريق 8 آذار هما “تكتل الإصلاح والتغيير” الذي يترأسه المرشح النائب ميشال عون، وكتلة نواب “حزب الله”.

ولم يعد سراً أن موقف عون يختصر بأن لا إنتخابات إذا لم يكن هو الرئيس وقد قالها صراحة نواب من كتلته بالفم الملآن. وهكذا يبدو هذا الموقف الأكثر وضوحاً بمعزل عن إمكانية ترجمته عملياً. أما “حزب الله” فلا يزال الأكثر إحراجاً بعدما وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مر اذ عليه أن يختار بين مرشح حليف أساسي التزم تأييده وهو عون، ومرشح آخر عزيز جداً عليه، وقد قفز فجأة إلى الصفوف الأولى وهو النائب سليمان فرنجية، وذلك بعد القرار المدوّي لزعيم كتلة “المستقبل” الرئيس سعد الحريري بإعلان تأييده فرنجية رئيساً، ومع بداية السنة الجديدة، لن يكون في إمكان “كتلة الوفاء للمقاومة” أن تستمر طويلاً في صمتها وفي عدم حسم موقفها حيال تأييد عون أو فرنجية ولم يغير التصريح الذي ادلى به السيد ابراهيم امين السيد في بكركي شيئا من هذا الواقع.

اقطاب مسيحية في بكركي

وفي هذا السياق يحكى عن مخارج كثيرة منها أن تتوقف كتلة حزب الله عن مقاطعة جلسات الإنتخاب الرئاسية فتؤمن النصاب القانوني بحضورها وتقترع لعون، فتكون بذلك قد أمّنت النصاب لفرنجية، وأعطت صوتها الإنتخابي لعون، وتكون أيضاً منسجمة مع نفسها في التزام تأييد حليفها الأبرز، الذي أعطاها الكثير، كما هي أعطته أيضاً الكثير… أي عون، وفي عدم خذلان الحليف الآخر أي فرنجية، وسيكون في استطاعتها الخروج من المأزق وعدم الإحراج أمام عون على قاعدة المثل الشعبي اللبناني القائل: “جازة جوزتك… حظ منين بجبلك؟”. ويحكى عن مخارج أخرى يجري تداولها في مشاورات معظمها خارج الإعلام.

وسط هذه الأجواء ثمة في التكتلات السياسية والنيابية والوزارية من يرى أن الكرة عند إيران وأن موقفا واضحاً منها سيكون كفيلاً بحسم الأمر لصالح عون أو فرنجية، وهذا الموقف لم يصدر بعد… وإذا كان الموقف المعلن من “حزب الله” يأتي في إطار الالتزام مع حليف أساسي هو عون، فإن هذا الموقف لا يزال متأرجحاً بينه وبين فرنجية، في انتظار الموقف الحاسم من إيران…

وأما في الضفة الإقليمية الأخرى فقد قضي الأمر، وبات معروفاً أن المملكة العربية السعودية تؤيد فرنجية رئيساً للجمهورية.

walid-00

ثمة موقف لافت برز قبل أيام لرئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط وتلاه موقف مماثل للرئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة مفادهما أن “تسوية” فرنجية تم تعطيلها نتيجة موقف إيراني يصب في هذا الإتجاه، وذلك في مقابل مواقف لا تزال متفائلة بالمضي فيها ولا سيما في فريق 14 آذار. وأمام هذا المشهد تبدو الكرة أيضاً في ملعب أطراف محلية أبرزها حزبي الكتائب و “القوات اللبنانية” إذ أن موقفاً حاسماً لأحدهما يمكن أن يرجح الكفة في اتجاه عون أو فرنجية. ومن خلال المواقف المعلنة، يبدو حزب الكتائب “غير مقفل” على فرنجية، خلافاً لما هو الحال مع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، الأكثر احراجاً في مكان ما إذ أنه، وبقدر ما يبدو شاقاً عليه تجرع كأس فرنجية رئيساً، فليس سهلاً عليه استعمال ورقة تأييد عون “كيفما كان” ودون إعلان موقف من ملفات كبيرة ليس أقلها “السلاح” ومشاركة “حزب الله” في الحرب الدائرة في سوريا!

إذا كان لأهل الإختصاص في قراءة المستقبل أن يعطوا عنواناً للسنة الجديدة فيمكن أن يكون سنة الإحراج والحسم…

وكل عام وأنتم بخير!