عندما يصبح الحل المؤقت إنجازاً!

بقلم سمير منصور

ليس أبرع من اللبنانيين في تأجيل المواعيد والاستحقاقات وهدر الوقت. ففي دوائر الدولة والمؤسسات الرسمية والعامة، وأحياناً الخاصة، يبدأ التأجيل إعتباراً من الساعة الحادية عشرة على قاعدة “إنتهى النهار وراحت إلى الغد”، هذا في اليوميات.

وإعتباراً من نهار الخميس يبدأ “الترحيل” إلى الاسبوع المقبل على إيقاع عبارة: “إنتهى الأسبوع وراحت إلى الأسبوع المقبل”. هذا في الاسبوعيات. وإعتباراً من تاريخ العشرين من كل شهر يبدأ الحديث عن التأجيل إلى الشهر المقبل. ومع إنتهاء الشهر السابع من كل سنة، يبدأ الحديث عن السنة المقبلة، بإعتبار السنة الحالية إنتهت!

وإذا إحتسبنا الوقت الضائع من ساعات وأيام وأسابيع وصولاً إلى الأشهر، لتبين أن أكثر من نصف الوقت في القاموس اللبناني يذهب هدراً! وهكذا يبدو – على سبيل المثال لا الحصر- أن الحل المؤقت لمشكلة النفايات يعد إنجازاً تحقق في مجلس الوزراء قبل نهاية السنة! ولو كان في الطبقة السياسية من يجرؤ على إقتراح تأجيل آخر لحصل الأمر، ولكن المشكلة تحولت عبئاً ثقيلاً على أكتاف الجميع ولم يعد في إستطاعتهم تحملها، ولا سيما بعدما “طلعت ريحة الجميع” على حد تعبير رئيس الحكومة تمام سلام الذي سجل رقماً قياسياً في الصبر على بعض رموز الطبقة السياسية ممن ينطلقون من حسابات شخصية ضيقة، وآخر هموم أصحابها التوصل إلى حلول لمشاكل الناس، بدءاً بالنفايات والكهرباء والماء، وصولاً إلى فك أسر الاستحقاق الرئاسي!

SALAM-45

وللمناسبة، فإن المرشح الرئاسي سليمان فرنجية إستطاع إختراق عقول الناس وإقناعهم إلى حد بعيد عندما تحدث بلغتهم ولم “يكبر الحجر” في برنامجه الرئاسي بل وضع هموم الناس اليومية في سلم الاولويات.

ومع نهاية سنة بلغت فيها المعاناة ذروتها في التعطيل والتأجيل ولا سيما في مجلس الوزراء، فقد بات على مكونات الحكومة من تكتلات نيابية وحزبية وسياسية، أن تحترم عقول الناس ولا تعتمد التعطيل سبيلاً إلى التعبير عن موقف إعتراضي.

ولعل الإنتخابات الرئاسية تشكل الخطوة الأولى نحو إعادة إنتظام عمل المؤسسات الدستورية، فانتخاب رئيس وملء الشغور الرئاسي، يعني حكومة جديدة وقانون انتخاب جديد، ومناخ جديد في البلاد يعطي دفعاً وينعكس إيجاباً على الأمن والاقتصاد وكل صعيد، فالسياسة هي التي تأتي بالأمن والاقتصاد ولا سيما عندما تتسم بالعقلانية والترفع عن الحسابات الشخصية.

gov.salam

وهكذا يبقى الاستحقاق الرئاسي العنوان الأول على جدول أعمال السنة المقبلة بعد أيام، فهل نشهد إنتخاب رئيس للجمهورية أم أن التعطيل سيستمر لحساب رهانات معارضي إنتخاب سليمان فرنجية رئيساً؟

سيكون التأجيل والترحيل على الطريقة اللبنانية جائزاً ومشروعاً إذا كان بهدف إستيعاب مثل تلك الرهانات من خلال مشاورات بين أبناء الفريق السياسي الواحد  وهو 8 آذار وقد وجد نفسه بين خيارين: إرضاء المرشح الآخر العماد ميشال عون أم إلتقاط فرصة التوافق على أحد رموز هذا الفريق رئيساً للجمهورية؟