بعضاً من فروسية العقل يا فرسان اليمن

أحمد منصور

لقد حلَّ دوركم على قائمة الدمّار بعدَ سوريا والعراق وليبيا وإلى حدٍ ما السودانَين، ناهيكم عن الصومال بلد الأهوال التي لا تتوقف.

لقد شكلتم بموقعكم باب السعودية من الجنوب وأحد بابي البحر الأحمر الذاهب إلى الأبيض. كما لا يغرب عن البال أنَّ بلدكم مقسومٌ مذهبيّاً إلى “شيعة” “وسنة” يتقاطع فيهما المذهبيّ بالقبليّ من حوثيين إلى يزيديين. أضف إلى ذلك لا يجهل أحدنا تاريخكم في الصراع مع السعودية التي انتزعت منكم بشكلٍ أو آخر منطقة عسير بعد حرب تدخل فيها أهم الشخصيات السياسية العربية الإسلامية آنذاك في محاولة إيقاف النزيف بين الشقيقين. كذلك لا أحد يجهل المغامرة الناصرية عام 1962 التي كانت رداً على الإنفصال عام 1961 والتي حذّرَ منها الكثيرون حيثُ كانت سبب نكبة حزيران 1967 لقد حاولوا تخفيف إيقاعها بتلطيفها لغويّاً من نكبة برأيي وأكثر إلى نكسةٍ وأقل.

كذلك لا نستطيع أن ننسى التاريخ الدمويّ الرهيب أيام حكم الماركسية ورجالها بالجنوب الذين ” قبلنوا ” ماركسيتها فجرت أنهار الدماء حيثُ وقفَ أمامها السوفيات عاجزين مكتوفي الأيدي.

يا أبطال اليمن العابثين:

ليسَ حلّ محنتكم لا في الذهاب إلى “الكعبة” ولا القيام إلى “قم”. إنَّ إضافة النار العمياء إلى جحيمكم الإقتصاديّ المزمن ليسَ من الحكمةِ على الإطلاق كما لم يكن كذلك وضع اليد من بعضكم في يد طهران لتمتد أذرعتها نحو قلب العالم التي ما ترددَ أحد سياسييها بإعادة بعث الأمبراطورية الفارسية وعاصمتها بغداد. ولن تجدي الإعتذارات والتكذيبات عن طمس تلكَ الحقيقة في إيران وإشهار ذلك الشعور الأمبراطوري الذي عمرهُ آلاف السنين والذي ذقناه في ما مضى فالتاريخ لا يوضع في قمقم ولا في ثقب إبرة.

إنَّ الحلّ لا يكمنُ بين الأطراف المتصارعة حالياً بينَ شافعيي مكة وأصدقائها من جهة ولا من أصحاب يزيدي الحوثيين وأصدقائهم من جهة أخرى.

الحلّ الحقيقي في الذين ليسوا من هذا الجانب ولا من ذاك الجانب. الحلّ من المستقلين الواقعيين يزيديين وشافعيين الذين رسالتهم تخطّي المناطقية وتأهيل الديمقراطية شيئاً فشيئاً مكان القبلية والمذهبية. والحلّ في تثوير اليمن زراعياً وصناعياً وثقافيّاً وغسل أدمغة الناس من العنف الذي سيفني الشعب اليمني اكثر من مرة وذلكَ بديهي عندما نعرف أن سوق السلاح مزدهرٌ أكثر من سوق القمح والخضار واللحوم والثياب. والكارثة عندما لا تجد البطاطا لتغذية الناس بلْ القنابل والخناجر والسيوف. كذلك عندما يكون القات قوت الروح على حساب الجسد. فحدّث ولا حرج عندئذٍ بأخطر الأيام التي تنتظرنا على المفارق والمفاصل في تاريخنا المعاصر على أديم جغرافيتنا.

هدانا الله جميعاً قبلَ فوات الأوان لسماع صوت العقل قبلَ السقوط الذي لا ينتهي وقبلَ المنقلب الذي إليهِ سنكون من المنقلبين.