اللاءات الثلاث للبطريرك الراعي

وسام القاضي

وأخيراً قالها البطريرك بشاره الراعي في أستراليا وبالفم الملآن، قال كلمته بلاءاتها الثلاث ومشى، وضع خطاً أحمر لمحاولات التسلل من هنا وهناك لتغيير معالم وجود لبنان. فمنذ سنوات ويحاول البعض بطرق غير مباشرة دس نبض الشارع السياسي لعقد مؤتمر تأسيسي للجمهورية الثالثة في لبنان من أجل تغيير صيغة التعايش المتفق عليها عام 1943، والمعدلة بإتفاق الطائف الذي أجمع عليه كافة الفرقاء، بإستثناء العماد ميشال عون آنذاك، لإنهاء الحرب اللبنانية عام 1989.

وبالرغم من نفي العديد من المسؤولين والقيادات السياسية المعنية مباشرة بهذا المشروع عما أشيع من نية لعقد مؤتمر تأسيسي وغيره من الأمور، إلا أن ما يجري على الساحة اللبنانية والذي هو مرآة لما يحدث في المنطقة يؤكد هذا المنحى الخطير والذي دفع البطريرك الراعي لإطلاق هذه المحاذير.

لقد وصل الصراع السني الشيعي إلى ذروته لأنه تخطى النصوص ووصل إلى النفوس، ومن يحاول نكران هذا الواقع الأليم والمؤسف هو كمن يتلطى خلف أصبعه، وبالتالي لا فصل ما بين طموح الشيعة في المنطقة للحصول على دور وموقع لهم، وما بين محاولات السنة وضع حد لهذا الطموح ببسط النفوذ والذي يشكل خطراً بالنسبة لهم إذا امتد نحو الخليج والإمساك بالقدرة النفطية.

كما لا يوجد دلائل حتى الآن تشير إلى وجود بريق أمل للتوصل إلى تفاهم بينهما خاصة أن الدوائر الغربية تستفيد من هذا الصراع، لأنها تنعش إقتصادها عبر تشغيل المصانع التي تنتج المعدات الحربية بالدرجة الأولى، وثانياً يبقى الغرب المنقذ من خلال تدخله لإبقاء التوازن بين الفريقين. لهذا نرى التوافق مع السعودية ودول الخليج ظاهراً جلياً في بعض المواقع في المنطقة، كذلك يظهر التناغم والتنسيق مباشراً أو غير مباشر مع إيران في مواقع أخرى.

وأمام هذا الصورة القاتمة، وفي ظل التناقص المتزايد لأعداد المسيحيين بشكل عام والموارنة بشكل خاص في لبنان، قد يجد البعض أن المثالثة أو عقد مؤتمر تأسيسي في لبنان هو الطريق السليم خاصة أن كرسي الرئاسة الأولى ما زال شاغراً، إضافة لأن لبنان شهد تغييراً ديمغرافياً كبيراً جعل من السنة والشيعة متساويين تقريباً عددياً، وبتفاوت كبير مع الطوائف الأخرى التي جعلت من لبنان هذا النموذج الفريد من نوعه.

وهنا يكمن الخطأ التاريخي للقادة الموارنة، وهم أو أسلافهم رفضوا تقصير عهد الرئيس كميل شمعون عام 1958 وعهد الرئيس سليمان فرنجية عام 1975 ولم يسمحوا بإسقاط الرئيس اميل لحود كي لا يمس الموقع الماروني الأول في الدولة اللبنانية، لأنهم إعتبروا المس بالموقع هو مس بالكرامة وبالطائفة. فأين هذا الشعور والكرسي الرئاسي شاغر منذ أكثر من خمسة أشهر؟ لقد ضقوا أول مسمار في نعش الرئاسة المارونية للبنان، وفتحوا الطريق على إطلاق بعض المشاريع التغييرية تحت شعار أن الموارنة لم يتفقوا فيما بينهم، وإذا استمروا في هذا التحدي سيصبحون أهل ذمة من جديد في هذا الشرق.

إن لاءات البطريرك الراعي هي صرخة تحذيرية لأبناء رعيته أولا، وخط أحمر لشركائه في الوطن، لأنه ومهما جرى من حروب داخلية في لبنان يبقى المسيحيون هم العصب الذي يغذي هذا التعايش والذي جعل من لبنان هذه اللوحة من الفسيفساء.

هل سيستخدم البطريرك الراعي العصا التي ذكرها من أجل حث النواب على الإنتخاب، أم أن القيمين على الشأن السياسي لدى الموارنة ستعمي بصيرتهم تلك الأنانية الخاصة التي جعلت من تفكيرهم عقل متحجر لا ينظر إلى المخاطر المحدقة بقدر ما ينظر إلى إعتلائه سدة الرئاسة الأولى، والتي ربما لن تبصر النور لماروني من جديد.

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار