زهرة على ضريح المعلم

وسام القاضي

يتكرر المشهد كل عام، فعلى مدى واحد وأربعين عاما لم يتلكأ الأوفياء يوما عن وضع زهرة على ضريح المعلم كمال جنبلاط في ذكرى إستشهاده، في يوم الوفاء يتقاطر المواطنون من كل حدب وصب، وبأعمار متفاوتة، طبعا المواطنون الذين آمنوا بسيرة المعلم، ومن إعتنقوا مبادئه، ومن وجودوا فيه المنقذ لمأساة وطنهم، وأدركوا أنه أتى إلى هذه الدنيا في المكان والزمان الغير مناسبين.

يضع الأوفياء زهرة على الضريح للتأكيد على أن مبادىء ومسيرة وقيم المعلم باقية من جيل إلى جيل، وإذا كان النظام اللبناني من خلال دولته المصونة لم تفكر يوما بإعطاء كمال جنبلاط جزء من حقه، فجمهوره يبقى وفيا لخطه ونهجه.

وها هو التاريخ يعيد نفسه، فهذا النظام الذي حاصر كمال جنبلاط محاولا تقييد حركته بأنه ممثل لجزء من الموحدين الدروز ما زال هو نفسه على نفس النهج والذهنية. فبالرغم من خروج المعلم الشهيد من الدائرة المذهبية الضيقة إلى ربوع الوطن بمشاركة هموم وآلام اللبنانيين في كافة المناطق، إلا أن النظام اللبناني بقي محاصرا له. فمن القرى النائية في عكار وصولا إلى القرى الجنوبية المواجهة للإحتلال كان كمال جنبلاط متواجدا. ومع توسع حركته بإيمانه بالقضية الفلسطينية وخوضه نضال المواجهة إكتمل الحصار عليه من الأنظمة الرجعية العربية.

عندما نقول أن كمال جنبلاط مر علينا في الزمان والمكان الغير مناسبين لأننا ندرك تماما أن هذا الرجل لو كان من الطوائف التي ميزها النظام اللبناني المهترىء لكان حكم لبنان وجعل منه جوهرة للشرق الأوسط، ولو كان مواطنا أجنبيا لحضنته دولته وارتقى به شعبه إلى اعلى المراتب، إن كمال جنبلاط كان بفكره وعقله خارج عصره.

وفي هذه الذكرى التي يحييها من رافق المعلم الشهيد ومن أتى على هذه الدنيا بعد إستشهاده، في هذه الذكرى وأمام هذا الحصار الذي يحاول النظام اللبناني فرضه على الخط النضالي الوطني لإرث كمال جنبلاط وذلك عبر قانون إنتخابي مركب معقد مرتكز على إنتخاب طائفي تفضيلي، لا يسعنا إلا أن نجدد العهد والقسم ونتخطى

بعض التفاصيل الصغيرة ونبتعد عن المصالح الخاصة والأنانيات الفردية، لأنه لم يعد بعد الآن مسموحا بإقصائنا أو حصارنا، لا من خلال قوانين إنتخابية تتلطى في ظاهرها خلف النسبية وفي باطنها منغمسة بالفرز المذهبي، ولا من خلال الحديث عن وزارات سيادية لهذه الطوائف وغير سيادية لغيرها، وليس بالحديث عن إقتناص رئاسة مجلس الشيوخ قبل ولادته. إن تاريخ لبنان كتب في جبل لبنان، ورأس الحربة في مواجهة الإستعمار كان في جبل لبنان، والفكر الوطني والعروبي إنطلق من جبل لبنان، أما العددية لم تكن يوما عبر التاريخ معيارا في الفرز الشعبي الوطني في الدول المتطورة والراقية.

إن الزهرة التي توضع اليوم على ضريح المعلم الشهيد ورفيقيه، ليست لذرف الدموع وليست للوقوف على الأطلال، بل للتأكيد على الوفاء لهذا الخط النضالي المستمر من قبل من يرعى دور المختاره، فالعهد هو العهد والرجال هم رجال، ومهما طال الزمن وعلى مر الأجيال سيبقى المعلم كمال جنبلاط فينا وسينتصر.

*رئيس جمعية كمال جنبلاط الفكرية

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

قوة لبنان في حياده!

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار

ماذا عن اليوم التالي للإنتخابات؟